وأما الذين اتخذوا من دون الملائكة والرسل آلهة لهم كمن عبدوا الشمس والقمر والنجوم، والأشجار والأحجار والأنهار، فهم أضل سبيلاً، وأضل منهم من عبد من هو دون ذلك في سلم الخلق كمن عبد القرود، والفئران، والحيات، والأبقار ... الخ
عجباً للإنسان يتخذ ممن هو دونه إلهاً له يعبده ويخافه ويرجوه!:
والعجب كل العجب من هذا الإنسان الذي كرمه الله بالعقل والسمع والبصر كيف يتخبط ليتخذ من هذه المخلوقات الحقيرة إلها يقدسه ويعبده ويصلي له، ويسجد له ويطلب منه النفع ويخاف منه الضر!!
وصدق الله - سبحانه وتعالى - إذ يقول: {العصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}.
ويقول - جل وعلا -: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا عملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون}.
أحط البرية من عاش لا يعرف له إلهاً خالقاً رازقاً:
وأما من عاش في هذا الكون ولم يعلم له إلهاً ولا خالقاً ولا رازقاً، ولم يبصر في هذا الوجود حكمة لوجوده وظن أنه وجد في هذه الأرض ليأكل ويشرب ويتمتع ويعمل ما يحلو له، ولا يتخذ لنفسه معبوداً إلا هواه ولا رباً إلا نفسه، فهذا أضل من الأنعام سبيلاً. قال - تعالى -: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يعقلون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون}.
الله هو الاسم الأعظم للرب - جل وعلا -:
والخلاصة: أن صفة الألوهية لله - جل وعلا - هي أجمع الصفات ولذلك كان اسم الله هو الإسم الأعظم للرب الخالق الرحمن الرحيم - سبحانه وتعالى -.
والله معناها الإله، والله - سبحانه وتعالى - هو الإله الحق، وما عداه ممن تسمى بالإله إله باطل، تسمى بالإله ولا يستحق هذه التسمية، فإذا سمى بعض البشر الشمس (الإلهة) فتسميتهم إياها بالآلهة باطل، فالشمس ليست آلهة، ولا تملك من الألوهية شيء، وتسمية الكفار أصنامهم التي يعبدوها آلهة تسمية باطلة، وهذه الأصنام والأحجار ليست آلهة على الحقيقة، ولا تملك من معاني الألوهية شيء، فليست بخالقة ولا رازقة، ولا تحيي، ولا تميت، ولا تملك شيئاً يؤهلها إلى أن تكون معبودة، فالتسمية باطلة ولذلك كان الرسل يقولون لأقوامهم المشركين {إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان}، والمعنى أنكم سميتموها آلهة وهي ليست كذلك ولا تملك من معاني الألوهية شيئاً.
الإله لا يكون إلا واحداً:
والإله الحق لا يكون في الوجود إلا واحداً، لأن الإله الحق لا بد وأن يكون خالقاً رازقاً متصرفاً قديراً، رباً فالذي يستحق العبادة لا يكون إلا كذلك.
ولو فرض وجود خالقين رازقين يملك كل منهما القدرة على الإحياء والإماتة والتصريف، لفسد هذا الكون الذي نعيش فيه، وذلك أن كل إله لا بد وأن يكون منفصلاً عن الآخر بمخلوقاته، ولا يتصور أن يوجد ويبقى خالق في كنف وطاعة خالق آخر مماثل له.
قال - تعالى -: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} أي السموات والأرض تفسدان لو كان الذي خلقهما خالقان وذلك أن أحدهما بالضرورة لا بد وأن يعادي الآخر ويحاربه ليكون هو الإله وحده، أو ينفصل أحدهما عن الآخر بما يخلقه. قال - تعالى -: {قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذاً لابتغوا إلى ذي العرش سبيلاً* - سبحانه وتعالى - عما يقولون علواً كبيراً يسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً}.
فلو كان هناك آلهة يستحقون العبادة كما يقول المشركون فإنهم بالضرورة لا بد وأن يتخذوا سبيلاً إلى مغالبة الرب العظيم صاحب العرش، والغالب في النهاية هو الإله وحده ... وهذا الفرض إنما فرض للجدال وبيان الأمر، فإن الله - سبحانه وتعالى - بين لهم فساد اعتقادهم في وجود شريك مع الله. إذ لو كان معه شريك حقاً يخلق ويرزق ويحيي ويميت فلا بد وأن يغالب الله لتكون الألوهية لواحد ...
وسبحان الله أن يكون في الكون من يغالبه أو ينازعه. قال - تعالى -: {ما اتخذ الله من ولد، وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق، ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون}.
¥