تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الوحي، وعاشت معه خمساً وعشرين سنة، رُبع قرن، فقد بدأ معها في الخامسة والعشرين من عمره، وكانت هي في الأربعين، وظلا معا إلى أن توفاها الله وهي في الخامسة والستين، وكان عمره صلى الله عليه وسلم في الخمسين، وهي أطول فترة أمضاها النبي مع هذه الزوجة الطاهرة من بين زوجاته جميعا، وهي وإن كانت في سن أمه صلى الله عليه وسلم، فقد كانت أقرب الزوجات إليه، فلم يتزوج عليها غيرها طيلة حياتها، وكانت أم ولده الذكور والإناث إلا إبراهيم عليه السلام، فإنه من مارية القبطية، فكان له منها صلى الله عليه وسلم: القاسم وبه كان يُكنّى، وعبد الله، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة.

(مراجع أخرى: المعجم الكبير ج 22 ص 444 / المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 200 / سنن البيهقي الكبرى ج 7 ص 70 / الآحاد والمثاني ج 5 ص 380).

إسلامها

كانت خديجة رضي الله عنها قد ألقى الله في قلبها صفاء الروح ونور الإيمان والاستعداد لتقبل الحق، فحين نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء (اقرأباسم ربك الذي خلق) رجع ترجف بوادره وضلوعه حتى دخل على خديجة فقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع.

وهنا قال لخديجة: "أي خديجة، ما لي لقد خشيت على نفسي"، وأخبرها الخبر، فردت عليه خديجة بما يطيب من خاطره ويهدأ من روعه فقالت:

"كلا أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق".

ثم انطلقت به رضي الله عنها حتى أتت به ورقة بن نوفل، وهو ابن عم خديجة أخي أبيها، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي.

فقالت خديجة: يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك.

قال ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى.

فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى، ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا ذكر حرفا.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو مخرجي هم؟ ".

قال ورقة: نعم، لم يأت رجل بما جئت به إلا أوذي، وإن يدركني يومك حيا أنصرك نصرا مؤزرا. (الحديث في صحيح البخاري، ج4، ص1894).

ثم أرادت رضي الله عنها أن تتيقن وتتثبت مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فرغم أنها تعلم أنه حق، وقالت له: كلا أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا .. إلا أنها أرادت اليقين كما قال إبراهيم لربه عز وجل: (بلى ولكن ليطمئن قلبي)، قال ابن إسحاق: وحدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى الزبير: أنه حدث عن خديجة أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

يا ابن عم، هل تستطيع أن تخبرني بصاحبك الذي يأتيك إذا جاءك؟ قال: نعم، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها إذ جاءه جبريل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا جبريل قد جاءني، فقالت: أتراه الآن؟ قال: نعم، قالت: اجلس على شقي الأيسر، فجلس فقالت: هل تراه الآن؟ قال: نعم، قالت: فاجلس على شقي الأيمن، فجلس فقالت: هل تراه الآن؟ قال: نعم، قالت: فتحول فاجلس في حجري، فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس فقالت: هل تراه؟ قال: نعم، قال: فتحسرت وألقت خمارها فقالت: هل تراه؟ قال: لا، قالت: ما هذا شيطان، إن هذا لملك يا ابن عم، اثبت وأبشر، ثم آمنت به وشهدت أن الذي جاء به الحق. (عيون الأثر، ج1، ص165، سيرة ابن هشام، ج2، ص74، تاريخ الإسلام، ج1، ص31، سيرة ابن اسحاق، ج1، ص113، تاريخ الطبري، ج1، ص533، أسد الغابة، ج1، ص1339).

وعن ابن إسحاق أيضا قال: وكانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله وصدق بما جاء به، فخفف الله بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يسمع شيئا يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه إلا فرج الله عنه بها، إذا رجع إليها تثبته وتخفف عنه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس رضي الله عنها. (البداية والنهاية، ج3، ص23، سيرة ابن هشام، ج2، ص77، أسد الغابة، ج1، ص1339).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير