تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

((ولا تكونوا لعداوةِ أحدٍ مِن النَّاس أحذرَ منكم لذنوبكم، ولا أشدَّ تعاهداً منكم لذنوبكم، واعلموا أنَّ عليكم ملائكةَ الله حفظةٌ عليكم، يعلمون ما تفعلون في مسيركم ومنازلكم، فاستحيُوا منهم، وأحسنوا صحابَتَهم، ولا تؤذوهم بمعاصي الله، وأنتم زعمتم في سبيل الله)).

((ولا تقولوا إنَّ عدوَّنا شرٌّ منَّا، ولن يُنصَروا علينا وإن أذْنبْنا، فكم من قوم قد سُلِّط - أو سُخِط - عليهم بأشرَّ منهم لذنوبهم (1)))).

((وسَلُوا اللهَ العَوْنَ على أنفسكم، كما تسألونه العونَ على عدوِّكم، نسأل الله ذلك لنا ولكم)).

((وارْفُقْ بِمَن مَعك في مسيرهم، فلا تَجشّمْهم مسيراً يُتعبُهم، ولا تقْصُرْ بهم عن منزلٍ يرْفُقُ بهم، حتى يُلْقَوْا عدوَّهم والسفرُ لم يُنقصْ قوَّتهم ولا كراعَهم (2)؛ فإنَّكم تسيرون إلى عدو مقيمٍ، جَام (3) الأنفس والكراع،

((وإلاَّ ترفُقُوا بأنفسكم وكراعكم في مسيركم يكن لعدوِّكم فضلٌ في القوة عليكُم في إقامتِهم في جمام الأنفس والكُراع، والله المستعان.

أقِم بِمَن معك في كلِّ جمعة يوماً وليلةً لتكون لهم راحة يجمُّون بها أنفسهم وكراعهم، ويرمون أسلحتهم وأمتعتهم)).

((ونَحِّ منزلَك عن قرى الصُّلح، ولا يدخلها أحدٌ من أصحابك لسوقهم وحاجتهم، إلاَّ مَن تثقُ به وتأمنُه على نفسه ودينه، فلا يصيبوا فيها ظلماً، ولا يُتزوَّدوا منها إثْماً، ولا يرزَؤون (4) أحداً مِن أهلها شيئاً إلاَّ بحقٍّ، فإنَّ لَهم حُرمةً وذِمَّةً ابتُلِيتُم بالوفاء بها كما ابْتُلُوا بالصبَّر عليها، فلا تَستَنصِروا على أهلِ الحربِ بظلمِ أهلِ الصُّلح)).

((ولْتَكن عيونُك مِن العرب مِمَّن تَطمئن إلى نُصحِه مِن أهلِ الأضِ، فإنَّ الكَذوب لا ينفَعُكَ خبَرُه وإنْ صَدَقَ في بعضِه، وإنَّ الغاشَّ عَينٌ عَليك ولَيس بعَينٍ لَك)) والسلام عليك.


(1) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (11/ 645): وإذا كان في المسلمين ضعف وكان عدوهم مستظهرا عليهم كان ذلك بسبب ذنوبهم وخطاياهم؛ إما لتفريطهم في أداء الواجبات باطنا وظاهرا وإما لعدوانهم بتعدي الحدود باطنا وظاهرا. قال الله تعالى: {إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا} وقال تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} وقال تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ. الَّذِينَ إنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}.
(2) الكُراع اسم يجمع الخيل.
(3) الجَمام بالفتح الراحة وجَمَّ الفرسُ تُرِكَ فلم يُرْكَبْ فعَفَا من تَعَبه وذهب إِعياؤه.
(4) يقال ما رَزَأَ فلاناً شيئاً أَي: ما أَصابَ من مالهِ شيئاً ولا نَقَصَ منه.

من كتاب سيرة عمر بن عبد العزيز على ما رواه الإمام مالك بن أنس وأصحابه ص 76
لأبي محمد عبد الله بن عبد الحكم المتوفى سنة 214 هـ
وأبو نعيم في الحلية (5/ 303)

ـ[طويلبة علم حنبلية]ــــــــ[29 - 01 - 10, 08:35 م]ـ
ماذا تفعلينَ إذا أصابكِ مكروه؟

للإمام ابن قيّم الجوزية رحمه الله

إذا جرى على العبد مقدورٌ يكرهُهُ؛ فله فيه ستةُ مشاهد:
أحدُها: مشهدُ التوحيد، وانَّ الله هو الذي قدَّرهُ وشاءهُ وخلقهُ، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
الثاني: مشهدُ العدل، وأنه ماضٍ فيه حُكْمُهُ، عدلٌ فيه قضاؤُهُ.
الثالث: مشهد الرحمة، وأنَّ رحمته في هذا المقدور غالبةٌ لغضبِهِ وانتقامِهِ، ورحمتُهُ حشوُهُ.
الرابع: مشهدُ الحكمة، وأنَّ حكمتَهُ سبحانه اقتضتْ ذلك، لم يُقدِّرْهُ سُدًى ولا قضاه عبثاً.
الخامس: مشهدُ الحمدِ، وأنَّ له سبحانه الحمد التامَّ علي ذلك من جميع وجوهِهِ.
السادس: مشهدُ العبوديَّة، وأنه عبدٌ محضٌ من كلِّ وجه، تجري عليه أحكامُ سيِّدِه وأقضيتُهُ بحكم كونه ملكه وعبدهُ، فيُصَرِّفُه تحت أحكامه القدرية كما يصرِّفُهُ تحت أحكامه الدينية؛ فهو محلُّ لجَرَيانِ هذه الأحكام عليه.

من كتاب الفوائد ص 46

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير