وقال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}.
فإذا تأمّلت هذا تأملا جيدًا، عرفت أنّ الكفار يشهدون لله بتوحيد الربوبية، وهو تفرّد بالخلق والرزق والتدبير، وهم ينخون عيسى والملائكة والأولياء يقصدون أنهم يقرّبونهم إلى الله ويشفعون عنده.
وعرفت أنّ من الكفار خصوصا النصارى منهم، من يعبد الله الليل والنهار، ويزهد في الدنيا، ويتصدق بما دخل عليه منها، معتزل في صومعة عن الناس، ومع هذا: كافر عدو لله .. مخلّد في النار، بسبب اعتقاده في عيسى أو غيره من الأولياء، يدعوه أو يذبح له أو ينذر له، تبيّن لك كيف صفة الإسلام، الذي دعا إليه نبيك صلى الله عليه وآله وسلم، وتبين لك أن كثيرا من الناس عنه بمعزل، وتبين لك معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبا كما بدأ.» فالله الله يا إخواني تمسّكوا بأصل دينكم، وأوله وآخره وأسّه ورأسه: شهادة أن لا إله إلاّ الله .. واعرفوا معناها، وأحبّوها وأحبوا أهلها، واجعلوهم إخوانكم، ولو كانوا بعيدين، واكفروا بالطواغيت وعادوهم وأبغضوهم، وأبغضوا من أحبّهم أو جادل عنهم أو لم يكفّرهم أو قال ما علي منهم أو قال ما كلّفني الله بهم، فقد كذب هذا على الله وافترى، فقد كلّفه الله بهم وافترض عليه الكفر بهم والبراءة منهم ولو كانوا إخوانهم وأولادهم ... فالله الله، تمسّكوا بذلك لعلكم تلقون ربكم لا تشركون به شيئا، اللهم توفّنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين.
ولنختم الكلام بآية ذكرها الله في كتابه، تبيّن لك أن كفر المشركين من أهل زماننا أعظم كفرًا من الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال الله تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا}.
فقد سمعتم أنّ الله سبحانه ذكر عن الكفار أنهم إذا مسّهم الضرّ تركوا السادة والمشائخ ولم يستغيثوا بهم بل أخلصوا لله وحده لا شريك له واستغاثوا به وحده، فإن جاء الرخاء أشركوا، وأنت ترى المشركين من أهل زماننا ولعل بعضهم يدّعي أنه من أهل العلم وفيه زهد واجتهاد وعبادة، إذا مسّه الضرّ قد يستغيث بغير الله مثل معروف أو عبد القادر الجيلاني، وأجلّ من هؤلاء مثل زيد بن الخطاب والزبير، وأجل من هؤلاء مثل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والله المستعان ... وأعظم من ذلك وزرا أنّهم يستغيثون بالطواغيت والكفرة والمردة، مثل شمسان وإدريس ويونس وأمثالهم والله سبحانه أعلم.
الحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على خير خلقه محمد وآله أجمعين.
من الدرر السنية (2/ 116)
ـ[ام عثمان الاثرية]ــــــــ[01 - 02 - 10, 11:33 م]ـ
درر بعضها فوق بعض لا حرمك الله اجرها
ـ[مسلمة من الحجاز]ــــــــ[03 - 02 - 10, 04:51 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أم عمير السلفية]ــــــــ[03 - 02 - 10, 08:44 ص]ـ
جزاكِ الله خيراً على هذه الدرر القيمة
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[26 - 03 - 10, 11:02 م]ـ
مقالات رائعة .... بارك الله بك أختنا الكريمة
.... فنسأل الله أن يستر علينا ويعفو عنا ويرحمنا .... فعفوه ورحمته وسعة مغفرته هي راسمالنا ....
ـ[طالبة السنة]ــــــــ[31 - 03 - 10, 02:59 ص]ـ
جزاك الله خيرا أختي وجعل صنيعك في موازين حسناتك
هناك عبارة قرأتها منذ زمن وأتمنى أن أعرف نصها وقائلها فأرجو من يعرفها أن يكتبها
ومعناها:
(أن العلم يعطيك بعضه أذا أعطيته كل مالديك)
وجزاكم الله خيرا
ـ[سنية كوردية]ــــــــ[22 - 04 - 10, 01:36 ص]ـ
بارك الله في جهودكم
ـ[طويلبة علم حنبلية]ــــــــ[23 - 08 - 10, 02:32 م]ـ
الأخوات الفاضلات المباركات
أم عثمان الأثرية جزاكِ الله خيراً أيا مباركة، وجعلكِ من أهلِ العلم النافع والعمل المتقبل الصّالح ..
مسلمة من الحجاز وخيراً جزاكِ الله أيا مباركة، ووفقكِ اللّه للعلم النافع والعمل المتقبل الصّالح ...
أم عمير السّلفيّة وخيراً جزاكِ الله أيا مباركة، ووفقكِ اللّه للعلم النافع والعمل المتقبل الصّالح ..
طالبة السّنّة وخيراً جزاكِ الله أيا مباركة، ووفقكِ اللّه للعلم النّافع والعمل المتقبل الصّالح ..
وأما عن العبارة التي قصدتموها لعلّها مقولةُ أبي يوسف صاحب أبي حنيفة إذ قال:
العلم إذا أعطيته كلك أعطاك بعضه. انظري وفيات الأعيان (6/ 384) شذرات الذهب (1/ 292) ..
سنية كرديّة وفيكِ بارك الله أيا كريمة، ووفقكِ اللّه للعلم النافع والعمل المتقبّل الصالح ..
ـ[أم عبد الله الليبية]ــــــــ[23 - 08 - 10, 03:46 م]ـ
بارك الله فيك أخيتي طويلبة علم على هذه الدرر ونفع بها وبك.
ـ[طويلبة علم حنبلية]ــــــــ[23 - 08 - 10, 04:03 م]ـ
وفيكِ باركَ اللّه أخيّتنا المباركة (أمّ عبد الله الليبيّة) ..
ولو أنّي عرفتُ أنه بعد رفعي لهذا الموضوع سأرى معرّفكِ المباركَ بعد طولِ شوقٍ؛ كنتُ رفعته من زمن!!
(حييتِ وبييّتِ، وجُعلتِ مباركةً أينما كنتِ وحللتِ) ..
¥