تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[سيرة ام المؤمنين خديجة رضي الله عنه]

ـ[ام عبدالرحمن باصريح]ــــــــ[15 - 03 - 10, 08:35 م]ـ

ياخواتي والله إن الكلمات لتتوارى خجلاً وحياء أمام هذه القلعة الشامخة، والزوجة الوفية المخلصة، التي بذلت مالها وقلبها وعقلها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فآمنت به حين كفر الناس، وصدقته حين كذبه الناس، وواسته بمالها حين حرمه الناس، فاستحقت هذه الزوجة التقية النقية أعظم الثناء من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ففي الحديث الذي رواه البخاري و مسلم من حديث أبي موسى الأشعري أنه صلى الله عليه وسلم قال: (كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، و آسية امرأة فرعون، و خديجة بنت خويلد، و فاطمة بنت محمد، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام).

وفي الصحيحين كذلك من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة بنت خويلد).

والراجح من أقوال أهل العلم أن معنى (خير نسائها) أي: خير نساء زمانها، فـ مريم خير نساء زمانها، و خديجة رضي الله عنها خير نساء زمانها. أيتها الأخت الفاضلة: لم تبلغ خديجة رضي الله عنها هذه المكانة عند الله وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بإيمانها الصادق، فأنا أقول: قد بلغت هذه المنزلة عند رسول الله، بل وعند الله جل وعلا، ولك أن تتخيلي امرأة تقية نقية يرسل ربنا جل وعلا جبريل ليبلغها منه سبحانه وتعالى السلام.

ففي الحديث الذي رواه البخاري و مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أتى جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! هذه خديجة قد أتت ومعها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتت فأقرئها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب).

تصوري ياختي أن خديجة رضي الله عنها قد بلغت هذه المكانة، فأنزل الله جبريل عليه السلام بهذه البشرى وبهذا السلام من ملك الملوك وجبار السماوات والأرض.

وفي رواية النسائي أن خديجة رضي الله عنها لما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك: إن الله يقرئك السلام وجبريل يقول: بلغها من ربها السلام ومني، فسيدتنا خديجة الفقيهة العالمة، لم تقل: وعلى الله السلام، وإنما قالت: إن الله هو السلام ومنه السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته).انظري أيتها الأخت الكريمة الفاضلة! ولذا بلغت خديجة مكانة عالية في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، حتى غارت عائشة رضي الله عنها من خديجة غيرة شديدة، مع أن عائشة لم تدرك خديجة قط، فلقد توفيت خديجة رضوان الله عليها قبل أن يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة.

ومع ذلك ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (ما غرت على أحد من نساء النبي ما غرت على خديجة، وما رأيتها قط، ولكن كان النبي يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة، ثم يبعثها في صدائق خديجة -أي: في صويحبات خديجة - وربما قلت له: كأن لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول صلى الله عليه وسلم: إنها كانت وكانت، وكان لي منها الولد، ويظل النبي عليه الصلاة والسلام يعدد مناقب خديجة رضي الله عنها).فلقد نشأت خديجة رضي الله عنها في مكة المكرمة، في مكانة وشرف ومال، فتزوجت بـ عتيق بن عائذ المخزومي فمات عنها، فتزوجت أبا هالة بن زرارة التميمي وأنجبت منه هند بن أبي هالة رضي الله عنه، ثم مات عنها زوجها، فأعرضت عن الزواج بعد ذلك، وتقدم لخطبتها كثير من أشراف قريش؛ لشرفها ونسبها وخلقها، فلقد كانت تسمى في الجاهلية قبل الإسلام بالطاهرة. ولكنها لما سمعت بأخلاق النبي عليه الصلاة والسلام أرسلت إليه ليتاجر لها في مالها، فرأت أمانته وصدقه وعفته، فرغبت في الزواج منه عليه الصلاة والسلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير