الرابعة: المداراة
المداراة وليست المداهنة .. والمداراة هي لين الكلام والبشاشة وحسن العشرة لأناس عندهم شيء من الفجور والفسق لمصلحة شرعية. روى البخاري في صحيحه عن عائشة - رضي الله عنها: «أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال بئس أخو العشيرة .. فلما جلس تطلق له وجه النبي صلى الله عليه وسلم وانبسط إليه فلما انطلق الرجل قالت له عائشة يا رسول الله رأيت الرجل قلت كذا وكذا ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه فقال الرسول صلى الله عليه وسلم يا عائشة متى عهدتني فاحشا، إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه».الوسيلة الخامسة:إدخال السرور على الآخرين
وهي من أهم الوسائل في تقوية الروابط وامتزاج القلوب وائتلافها .. كما إن إدخال السرور على المسلم يعد من أفضل القربات وأعظم الطاعات التي تقرب العبد إلى رب الأرض والسماوات .. ولإدخال السرور إلى القلوب المسلمة طرق كثيرة وأبواب عديدة الوسيلة السادسة:
احترام المسلمين وتقديرهم والتأدب معهم وتبجيلهم وإجلالهم فقد كان صلى الله عليه وسلم يجل من يدخل عليه ويكرمه وربما بسط له ثوبه ويؤثره بالوسادة التي تحته ويعزم عليه في الجلوس عليها إن أبى وينزل الناس منازلهم ويعرف فضل أولي الفضل وقال عليه أفضل الصلاة والسلام يوم الفتح «من دخل دار أبى سفيان فهو آمن» وقال صلى الله عليه وسلم «ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه» ومما ينبغي أن اذكركي واذكر نفسي به - أختي الداعية - في هذا المقام:
احترام من خالفكي في الرأي مما فيه مجال للاختلاف ومتسع للنظر .. وعدم انتقاصه ورميه بالجهل وقلة الفقه وسوء الظن به ما دام ظاهره السلامة.والله ياختاه ان بعض المواقف من اختلاف في المسائل الفقهيه تحصل لي ولكن احترام للمتحدث وعدم مقاطعته
قال ابن كثير رحمه الله وكان صلى الله عليه وسلم إذا حدثه أحد التفت إليه بوجهه وجسمه وأصغى إليه تمام الإصغاء ولا يقطع الحديث حتى يكون المتكلم هو الذي يقطعه.الوسيلة السابعة: حسن الكلام
لقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على طيب القول وحسن الكلام، كما في قوله صلى الله عليه وسلم «الكلمة الطيبة صدقة» لما لها من أثر في تأليف القلوب وتطييب النفوس إنه ليس من المهم توصيل الحقيقة إلى الناس فقط ولكن الأهم هو الوعاء الذي سيحمل تلك الحقيقة بها .. فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول «زينوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا» فمن باب أولى أن نقول للدعاة زينوا الدعوة بحسن كلامكم فان الكلام الحسن يزيد الدعوة حسنا وجاذبية .. وخاصة عند النصح .. أن النصح علاج مر فليصحبه شئ من حلو الكلام فكوني من الذين يعملون الحق ويرحمون الخلق واسمعي إلى يحيى بن معاذ يقول: ((أحسن شئ كلام رقيق يستخرج من بحر عميق على لسان رجل رقيق)) وكم من كلمة سوء نابية ألقاها صاحبها ولم يبال بنتائجها وبتبعاتها فرقت بين القلوب ومزقت الصفوف وزرعت الحقد والبغضاء والكراهية والشحناء في النفوس؛ ولذلك ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب» الوسيلة الثامنة: التواضع ولين الجانب
لقد كسب رسول الله صلى الله عليه وسلم بتواضعه ولين جانبه قلوب الناس من حوله.ذكر أنس رضي الله عنه صورة من صور تواضعه عليه الصلاة والسلام فقال «إن امرأة كان في عقلها شئ جاءته فقالت إن لي إليك حاجة قال اجلسي يا أم فلان في أي طرق المدينة شئت أجلس إليك حتى أقضي حاجتك قال فجلست فجلس النبي صلى الله عليه وسلم إليها حتى فرغت من حاجتها» وعند البخاري: «إن كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت حتى يقضي حاجتها ودخل عليه رجل فأصابته من هيبته رعدة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هون عليك فإني لست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد» وبهذا الأسلوب والتواضع ولين الجانب دخل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى شغاف قلوب الناس من حوله. .الوسيلة التاسعة: الجود والكرم
إليكي - أختي الحبيبه - هذا السخاء وذلك الجود يأسر القلوب ويطيب النفوس ... فعن أنس رضي الله عنه قال: «إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه غنمًا بين جبلين فرجع إلى بلده وقال:أسلموا فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى فاقة» فانظري وفقكي الله كيف أثر هذا السخاء النبوي على قلب هذا الرجل وجعل منه - بإذن الله - بعد أن كان حربًا على الإسلام أصبح داعية إليه.
وعن جابر رضي الله عنه قال «ما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قط فقال لا» ومن الجود الهدية وقد قال صلى الله عليه وسلم «تهادوا تحابوا» فالهدية باب من أبواب كسب القلوب وتنمية التآلف بينهاالوسيلة العاشرة: الرفق
فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله» بل الرفق مفضل على كثير من الأخلاق؛ لذا كان ما يعطيه الله لصاحبه من الثناء الحسن في الدنيا والأجر الجزيل في الآخرة أكثر مما يعطيه على غيره .. لقوله عليه أفضل الصلاة والسلام «إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي بالرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه».
ومن المواطن التي يتأكد فيها الرفق عند تقويم خطأ الجاهل. وانظري الي الصور المعبرة في تقويم الأشخاص عند خطئهم والتي يملؤها الرفق والرحمة
¥