والعابر عبر بوابات التاريخ المشرعة لمن كان له قلب فقيه متأمل يرى ويدرك أن حياء الأمم إنما يستلب إستلاباً, وكل حجر صغير يسقط من السدّ يترك مكانه ثغرة تتبعها أخرى, فيوشك أن ينهار السد, ولاشيء ليوقف مدّ السيل بعد ذلك, بل تتغير النفوس وتنطمس الفطرة النقية، وترجع القلوب سوداء كالكوز المجخي المنكوس لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا ولا تقر حقا ..
في ستينيات القرن التاسع عشر مَثُلَ الروائي الفرنسي غوستاف فلوبير أمام المحكمة بتهمة الإساءة للأداب والأخلاق وللدين وخدش حياء المجتمع الفرنسي الذي لم يتقبل في حينها تلك الصورة المبتذلة عن المرأة التي قدمها في روايته "مدام بوفاري", وكان أن ابتلعت المحكمة طعم الدفاع الذي جعل منه كاتباً "شريفاً"! يشير إلى سوءات المجتمع ليصلحها وأديباً "رفيعاً"! يدافع عن الأدب والأخلاق ... وبدأت المعول في هدم السد ... وليخبرنا أحدكم أين هم الآن؟ .. التقاط خبر عابر قد يترجم ما يعيه الناظر, في تقريرها السنوي للأدب تعد مجلة "لير" الفرنسية لائحة بأفضل 20 كتابا للسنة المنصرمة, وأحد المجالات التي يتم اختيار أفضل كتاب فيها, مجال الأدب الإباحي, في عام 2007 مثلا, تم اختيار "مذكرات امرأة زانية" للأميركي كورت لويان كأفضل كتاب في الأدب الإباحي، حول قصة امرأة عازفة كمان تعيش الخيانات في منظور مختلف ... عفوا منكم, لكنه الواقع المر ..
وفي حادثة مماثلة مثُلت أول سباحة استعراضية أمام المحكمة لأن عروضها تضمنت نزول البحر بزي فاضح لم يتقبله المحتمع الإنجليزي المحافظ وقتها, وظلت تحتال ونافخي أبواق الفتنة من ورائها حتى اخترعت زياً جديدا يغطي الجسم كله شبيها ببدلات الغطس فسمحت لها هيئة المحلفين الظهور به في عروضها, وتدحرجت أحجار السد بعد ذلك فلم يتبق على عاتق الكواعب على شواطئ اليوم شال ولا إزار ..
علينا أن نتذكر ذلك جيدا ونستبصر ونحن نقرأ حاضرنا الصاخب كصداع الرأس والموجع كشوكة في القلب , من أيام نشرت صحفية "البنطال" السودانية التي جعلتها وكالات الأنباء الغربية بطلة في ركب الدفاع عن الحرية, نشرت كتابا!! تحكي فيه تجربتها الرائدة في تحدي "الرأي العام" وتحدي"تطرف ورجعية الشعب وتعصب القاضي" وتحدي "الأعراف البالية السائدة" التي جرمت ظهورها بالبنطال, قضية نضال مؤثر ومبشر بما لا تحمد عقباه, أبطال التحرر النكد الزائف الملعون .. يحادون شرع الله! ويتحدون بوجوه صفيقة ما بقي لدى بناتنا من حياء, فلأين يسيرون, وإلى أين يريدون أن يصلوا كي يضلّوا ..
لم يعد التعري والابتذال والخنا شيئاً تنكره النفوس إجمالا, بل تبدل الجدل القائم لا ليناقش حرمة الخنا أو حلّه, بل تحول إلى المطالبة بحقوق الشواذ في الزواج بمباركة الكنيسة وإقرار حرمة الميثاق والعشرة والميراث!! , ولم يعد الجدل في قبح السفاح بل في حق النساء المسافحات في إجهاض ما خلق الله في أرحامهن ليستمتعن بحياتهن كالأنعام ويتحررن من مسؤولية الولد, ولو جاء الأبناء, فهم أبناء "خارج إطار الزواج" وليس "أبناء سفاح"! أرأيتمم كم هي أسماء حضارية مزوقة ومستساغة لا تمجها الأنفس! ..
وتصبح هذه هي الإشكاليات والخلافيات الأخلاقية التي تتصدر أجندة أعمال مرشحي الرئاسة في أمريكا ودول الغرب المتدحرج - بخطوة واسعة للوراء-, انظر على سبيل المثال كتاب جيمي كارتر "قيمنا المعرضة للخطر", الرؤية الكلية لتلك القيم, التي ينافح لحفظها أصحاب الأخلاق الباقين وسط الغوغاء, لم تعد تمت للنقاء والطهر والعفة وللشرف البشري الأصيل بصلة ... لم تعد الحضارة المزعومة تفتش عن ورقة توت تواري بها سيئتها وسوءها ...
وتسير مواكب العراة فيما يدعى "بأنصار الطبيعة", وفي إسرائيل تخرج مسيرة أخرى على رأسها رئيس وزراءها في تأبين أحد الشواذ الذي قتل -غيلة- على يد بعض المتشددين ليرفعوا جميعا شعار "نستمر بفخر"! فخر بماذا؟ عفا الله عنا, ويقولون "من حق كل إنسان أن يكون مختلفا"!! المسألة مسألة إختلاف الآن؟ لم يعد لدى تلك القطعان البهماء حاسة تستشعر القرف من التلطخ بالقذارات وروح تتطلع عيونها لنور الطهر .. مات فيهم الحس, ونحن في الطريق لذلك – إلا برحمة من العزيز الحكيم العليم الحليم – ولو دخلوا جحر ضب, لدخلتموه ..
يتبع إن شاء الله ..
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[14 - 05 - 10, 08:10 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكِ الله د/ صفاء
رسالة هادفة سطرتهاعبر صفحات الملتقى
سررنا بقراءة جميل معناها
نعم صدقتِ هم يريدون نزع الحياء وليس الحجاب فقط
فقدأصبحت المرأة أكثر جرأة وأقل إحتشام في الملبس والكلام عافانا الله وإياكن من ذلك وثبتنا الله وإياكن على
الحق المبين
ولكن هل هذه الرسالة المفيدة رسالة د/صفاء .... ؟
وفي إنتظار البقية وفقكِ الله
ـ[د صفاء رفعت]ــــــــ[15 - 05 - 10, 10:20 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكِ الله د/ صفاء
رسالة هادفة سطرتهاعبر صفحات الملتقى
سررنا بقراءة جميل معناها
نعم صدقتِ هم يريدون نزع الحياء وليس الحجاب فقط
فقدأصبحت المرأة أكثر جرأة وأقل إحتشام في الملبس والكلام عافانا الله وإياكن من ذلك وثبتنا الله وإياكن على
الحق المبين
ولكن هل هذه الرسالة المفيدة رسالة د/صفاء .... ؟
وفي إنتظار البقية وفقكِ الله
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أختي الكريمة طويلبة علم
تحية طيبة مباركة لك وللأخوات الطيبات في هذا الملتقى المبارك
وبلى .. صارت النساء أكثر جرأة في غير الحق وأقل احتشاما إلا من رحم ربي ونسأل الله تمام عافيته وجميل عفوه ومغفرته ونور هداه
وبلى يا أخية بارك الله فيك هي رسالة سطرتها حديثا وتجدينها كاملة في مكتبة صيد الفوائد إن شاء الله:
http://saaid.net/book/open.php?cat=6&book=6566
وشكرا لقراءتك وتأييدك أحسن الله إليك وجعل جنان الخلد نزلك ..
بوركت.
¥