تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

* فمن تلك الأبجديات الأولى أن الإسلام والقرءان دين وشريعة ومنهاج حياة متكامل , وأن الله تعالى الذي خلق البشر وذرأهم في الأرض هو وحده العزيز الحكيم الجليل الباقي الذي يرد إليه الأمر كله, والحكم كله, فهو سبحانه صاحب التشريع, ولا يتصور في العقل أن خالقا عظيما كاملا, متفردا بالخلق والإيجاد, والعزة والعلو, يترك خلقه هملا لا يشرع لهم ويبين لهم ما يتقون , ومن الانتكاس المزري حقا أن تتنكب جموع البشرية المستكبرة في الأرض بغير الحق إلى علمانية مبتدعة, تترك فيها كل ما أتاها من ربها الذي أوجدها ظهريا وتنبري لتشرع وتخطط, وتحذف وتوقِّع, بسفاهة أشبه بالجنون ... ثم تأتي أمة الرسالة الوسطى لتتنكب في الأرض كل متنكب وتنتكس خلف كل منتكس, وتترك ما كتبه الله عليها, وتتخلى عن شرفها الذي شرفها الله تعالى به, خابت الهمم وخارت العزائم وتعست العقول ..

وليس في الإمكان قبول بعض من دين الله تعالى وترك بعض, ادخلوا في السلم كافّة, بل الاستسلام الكامل هو الشرط الأول في تحقيق شهادة الاسلام , فمن استبدل من دين الله شيئا فقد استبدل الكفر بالإيمان ..

* ومن تلك الأبجديات التي تضيع وسط النقاش والجدل حول هل تكشف المرأة وجهها أو تستره فرضا أم ندبا أم درءا لفتنة, إحدى تلك البدهيات المفقودة هي روح التشريع في أحكام الحجاب, والتي يتم تهميشها في خضم الخلاف المضروب على ساحة المتكلمين, والذي يندس وسطه ويتسلل لاستغلاله فئة مجهولة الهوية تقدح ناره جدلاً وخلطاً وتدليساً على عباد الله, فتصبح نتيجة هذا التوهان هي نسيان روح الإسلام في مفهوم الحجاب ..

والمنقب في كلام المختلفين فيه يحسب أن كشف الوجه وستره هو العقبة الوحيدة في توحيد الرؤى فيفترض أن من ستأخذ برأي الكشف ستكون ساترة لسائر بدنها عدا الوجه والكفين لكنها ملتزمة بنفس ضوابط الحجاب الشرعي: جلبابها واسع ساتر لايصف ولا يشف ولا يجتذب عين المتطلعين إليها, وحشمتها وحياؤها يقطعان تطاول الطامعين فيها. لكن الناظر في واقع أحوالنا وأحوال بناتنا ونسائنا ليأسف ويأسى مما وصلن إليه ... وأهل الجدل لايلتفتون ولا يلقون نظرة إلى السفح ليروا أين وصل ببناتنا الحال ولو أبصرت قلوبهم لكفوا عن مزايدات الكلام ولالتفتوا لرأب الصدع في أصل البنيان.

فليس هناك خلاف في أي مذهب أن حجاب المسلمة الشرعي لابد أن يكون فضفاضا ساترا ليس بثوب شهرة وليس زينة بذاته ولا يسفر عن جسدها وصفاته , لكن المشاهَد أن السواد الأكبر من بناتنا بتن تتفنن في تزيين عباءاتهن بعناقيد الخرز وفصوص اللؤلؤ اللامعة والرسوم المطرزة, والعباءة ضيقة وشفافة لا تخفى من تحتها ملامح زينة ولا تصد عينا عن حصينة, لم تعد العباءة عباءة ... هذا لمن لبسن العباءة, أما المصيبة التي عمت في أغلب أقطارنا فهي خلع العباءة بل خلع الخمار والجلباب, والنزول إلى طرقات المدائن بالتنورة الضيقة والبنطال المضغوط على الجسم وقد برزت الأرداف والخصور, والنهود والنحور, وانكشفت السواعد والسوق, وانحسر غطاء الرأس عن ناصية الشعر, فظهرت ناصيتها المصبوغة والمسرحة بعناية من يحسب لكل شيء حساب, وطاله الجزر من الخلف ليكشف عن أعناق تعرت مع كل هبة نسيم لاح, ثم تتالت العقود والسلاسل والأساور والخواتم والأصباغ والألوان من كل ماتستحليه العيون وتتوق إليه الأنفس, من الأصفر الكناري إلى الوردي المتواري إلى الأخضر القاني والأحمر الناري ... فمن الذي يتحدث عن مشروعية كشف الوجه أو فرضية غطاءه في كل هذا الغياب ... أين روح الحجاب من كل ما تشهده العين هنا أو هناك؟

أضحى يزخرفهن نوع ملابس ... في شكل عري فاضح فتان

وملابس أخرى تحدد جسمها ... في وصف تفصيل على الأبدان

ولعل أحدا لا يجهل أن الكثرة من بناتنا الصالحات لا يكدن يظفرن في كل أسواقنا المترامية الأطراف بغطاء أو جلباب يناسب حجابهن الشرعي فكل العباءات على الموضة وكل جلباب قد امتدت له أصابع "الفن الحديث" بالتطريز البراق والترقيع النشاز, مع فتحات وحركات تجعله لائقا بالمتبرزات المستعرضات, وكأنه لباس شهرة وتبرج لا لباس ستر واحتشام وعفة, وكل أغطية الرأس صفيقة متبهرجة الألوان مشذبة الحواف والأكناف .. حتى عباءاتنا وألبسة حجابنا يصممها لنا مصممون من إيطاليا وفرنسا وتغدق الصين بها على الأسواق دون تقصير أو إملاق .. فهل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير