تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما الأمراء فهم أولو الأمر المنفذون لأمر الله الملزمون لعباد الله به، ولهذا كان مرجع أولي الأمر من الأمراء إلى أولي الأمر من العلماء. إذ أن الأمراء إذا ساروا بدون العلماء فقد يضلون ضلالاً بعيداً، وإذا لم يأخذوا بما دلت عليه شريعة الله، أو بما جاءت به شريعة الله، فإن معصية الناس لهم تكون بقدر معصيتهم لله. وهذه نقطة يجب أن نتفطن لها؛ فمعصية الناس لولاة الأمور بقدر معصية ولاة الأمور لله عز وجل.

فكلما أطاع ولاة الأمور ربهم أخضع الله لهم قلوب الناس، وأطاعوهم ولم يتمردوا عليهم، فمن اتقى الله فيمن ولاه الله عليه، اتقاه من ولاهم الله عليهم، والعكس بالعكس. ويذكر أن عبد الملك بن مروان ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=162&ftp=alam&id=1000061&spid=162) لما رأى تمرد الناس عليه جمع أشراف الناس وخطبهم وقال لهم: إنكم تريدون منا أن نكون لكم كأبي بكر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=162&ftp=alam&id=1000001&spid=162) وعمر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=162&ftp=alam&id=1000002&spid=162)، فأنتم كونوا لنا كرجال أبي بكر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=162&ftp=alam&id=1000001&spid=162) وعمر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=162&ftp=alam&id=1000002&spid=162)، نكون لكم كأبي بكر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=162&ftp=alam&id=1000001&spid=162) وعمر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=162&ftp=alam&id=1000002&spid=162) . وجاء رجل من الخوارج إلى علي بن أبي طالب ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=162&ftp=alam&id=1000004&spid=162) رضي الله عنه فقال له: يا علي ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=162&ftp=alam&id=1000004&spid=162)! ما بال الناس خرجوا عليك ولم يخرجوا على أبي بكر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=162&ftp=alam&id=1000001&spid=162) وعمر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=162&ftp=alam&id=1000002&spid=162) ؟ فقال له: لأن رجالي أنت وأمثالك، ورجال أبي بكر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=162&ftp=alam&id=1000001&spid=162) وعمر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=162&ftp=alam&id=1000002&spid=162) أنا وأمثالي، فألقمه حجراً.

المهم أن ولاة الأمر إذا كانوا مرجع الناس فإن الناس في خير، أما إذا تمرد الناس على ولاة الأمر فخالفوا العلماء بغير علم، وتمردوا على الحكام فذلك عنوان الشقاء في هؤلاء وهؤلاء.

فالواجب علينا احترام ولاة أمورنا من العلماء، واحترام ولاة أمورنا من الأمراء، وأن نبذل لهم النصيحة، وبذل النصيحة ليس هو الفضيحة على رءوس المنابر وفي المجالس العامة، في تتبع مساوئهم، فبعض الناس تجده يقول: قال العالم الفلاني: كذا وكذا وقد أخطأ؛ فهذا خطأ ويقول: فعلت الدولة كذا وكذا وقد أخطأت. هذا ليس من النصيحة في شيء، النصيحة أن تتصل بالمخطئ إما بواسطة أو بغير واسطة، وتبيّن له خطأه، فقد يكون مع المناقشة يتبين للجميع الصواب، إما أن يكون الصواب معك فيرجع إليك، وإما أن يكون معه فترجع إليه، وإما أن يكون كل منكم له وجهة نظر يعذره فيها الآخر. وأما من وراء جدر يقع الناس في أعراض العلماء، أو يقعون في أعراض الأمراء، فإن هذا لا شك عنوان على التفرق وتمزق الأمة.

فإذا كان -كما قال السائل وفقه الله- للعلماء مكانة في قلوب الناس فهذا عنوان الخير والسعادة، ونرجو أن يكون في قلوب الناس -أيضاً- مكانة لولاة الأمر من الأمراء، وأن يناصحوهم وأن يعلموا أنهم بشر ليسوا معصومين من الخطأ، هم يخطئون كما يخطئ البشر، أنت الآن في بيتك ألست تخطئ في تربية أولادك؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير