ومن أسرارها ايضاً ألايقترح على ربه، ولايسأله ماليس له به علم، فـ لعل مضرته فيه وهو لايعلم، فلايختار على ربه، بل يسأله حسن العاقبة فيما يختاره له، فلا أنفع له من ذلك.
ولهذا من لطف الله بعبده أنه ربما طمحت نفسه لسبب من الأسباب الدنيوية التي يظن أن بها إدراك بغيته، فـ يعلم الله أنها تضره .. وتصده عما ينفعهفـ يحول بينه وبينها فـ يظل العبد كارهاً ولم يدري أن الله قد لطف به حيث أبقى الأمر النافع، وصرف عنه الأمر الضار.
فـ كم من الناس - على سبيل المثال - من يندم ويتحسر إذا فاته موعد إقلاع الطائرة، وماهى إلا مدة يسيرة ثم يُعلن سقوطها .. ووفاة جميع ركابها.
وكم من الناس من يتبرم ويضيق صدره لفوات محبوب، أو نزول مكروب.
وما إن ينكشف الأمر، ويستبين سر القدر إلا ونجده جذلاً مسروراً لأن العاقبة كانت حميدة بالنسبة له.
وماأجمل قول من قال:
كم نعمةً لاتستقل بشكرها .. لله في طي المكاره كامنه
وقول الآخر:
تجري الأمور على حكم القضاء وفي .. طي الحوادث محبوب ومكروه
وربما سرني ما كنت أحذره .. وربما ساءني ما كنت أرجوه
http://nagdyah.jeeran.com/alfagr-nsaeem.gif
يتبع
اللهم إنّا نسألك الشكر عند الرخاء .. والصبر عند البلاء .. والرضا بالقضاء
ثم أردف قائلاً: (ودعني أضرب لك مثلاً لما أعنيه: هبت ذات يوم عاصفة عاتية حملت رمال الصحراء وعبرت بها البحر الأبيض المتوسط ورمت بها وادي (الرون) في فرنسا، وكانت تلك العاصفة حارة شديدة الحرارة حتى أحسست كأن شعر راسي يتزعزع من منابته لفرط وطأة الحر، وأحسست من فرط القيظ كأنني مدفوع إلى الجنون.
ولكن العرب لم يشكوا إطلاقاً، فقد هزوا أكتافهم وقالوا كلمتهم المأثورة (قضاء مكتوب).
لكنهم ما إن مرت العاصفة حتى اندفعوا إلى العمل بنشاط كبير، فـ ذبحوا صغار الخراف قبل أن يؤدي القيظ بحياتها، ثم ساقوا الماشية إلى الجنوب نحو الماء.
فعلوا هذا كله بصمت وهدوء، دون أن تبدو من أحدهم شكوى.
قال رئيس القبيلة - الشيخ -: لم نفقد الشيء الكبير، فقد كنا خليقين بأن نفقد كل شيء، ولكن حمداً لله وشكراً، فإن لدينا نحو أربعين في المائة من ماشيتنا، وفي استطاعتنا أن نبدأ عملنا من جديد)
ثم قال بودلي: (وثمة حادثة أخرى، فقد كنا نقطع الصحراء بالسيارة يوماً، فأنفجر أحد الإطارات وكان السائق قد نسي احضار إطار احتياطي وتولاني الغضب، وانتابني القلق والهم، وسألت صاحبي من الأعراب ماذا عسى أن نفعل؟
فذكروني بأن الاندفاع إلى الغضب لن يجدي فتيلاً، بل هو خليق أن يدفع الإنسان إلى الطيش والحمق.
ومن ثم درجت بنا السيارة وهي تجري على ثلاث إطارات ليس إلا ولكنها مالبثت أن كفت عن السير، وعلمت أن البنزين قد نفذز
وهنا ايضاً لم تُثر ثائرة أحد من رفاقي الأعراب، ولا فارقهم هدوؤهم، بل مضوا يذرعون الطريق سيراً على الأقدام).
وبعد أن أستعرض بودلي تجربته مع عرب الصحراء علق قائلاً: (قد أقنعتني الأعوام السبعة التي قضيتها في الصحراء مع الأعراب الرُحل – أن ومرضى النفوس، والسكيرين الذي تحفل بهم أمريكا وأوروبا ماهم إلا ضحايا المدينة التي تتخذ السرعة أساساً لها.
إنني لما أعاني شيئاً من القلق قط وأنا أعيش في الصحراء، بل هنالك في جنة الله وجدت السكينة، والقناعة، والرضا).
وأخيراً ختم كلامه بقوله: (وخلاصة القول: أنني بعد انقضاء سبعة عشر عاماً على مغادرتي الصحراء مازلت أتخذ موقف العرب حيال قضاء الله، فـ أقبل الحوادث التي لاحيلة لي فيها بالهدوء والامتثال والسكينة.
ولقد أفلحت هذه الطباع التي اكتسبتها من العرب في تهدئة أعصابي أكثر مما تفلح آلاف المسكنات والعقاقير الطبية).
وشكر الله لكم
هذا جهد احدى الاخوات اسمها حاسوبية من منتديات الصفوة جزاها الله خيروانصحكم بهذا الكتاب فهو رائع جدا دعواتكم
ـ[ام سلمان الجزائرية]ــــــــ[01 - 06 - 10, 06:41 م]ـ
جزاك الله خيرا
لا حرمت اجر مجهودك الطيب
ـ[أم نور الدين]ــــــــ[01 - 06 - 10, 09:16 م]ـ
بارك الله فيك وجعل ماكتبتيه في موازين حسناتك
ـ[أم نور الدين]ــــــــ[01 - 06 - 10, 09:16 م]ـ
جزاك الله الفردوس ونفع بك،
ـ[أم تميم الجزائرية]ــــــــ[04 - 06 - 10, 01:54 م]ـ
بارك الله فيك أختي أم الزهراء
والله كلمات رائعة نحتاج إليها في واقعنا
جزاك الله كل خير وأسكنك فسيح جناته
أمين