[ما بين رمضان الماضي ورمضان القادم!!]
ـ[الروميصاء السلفية]ــــــــ[04 - 06 - 10, 08:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[ما بين رمضان الماضي ورمضان القادم!!]
الحمد لله الذي أذن لنا بذكره وأرسل إلينا رسله، وأصلح حالنا بدين الحق ليظهره على الدين كله، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له رحم عباده فهداهم بالإسلام وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خير الأنام وبعد،
لابد أن القارئ تعجب من العنوان ولا ريب فليس هذا وقت يعتاد الكلام فيه على رمضان، ولهذا أخترته!
فقد مضى ما يقرب من نصف العام بل أكثر على رمضان الماضي (بهذه السرعة؟؟!!) وبقي القليل على رمضان القادم فمنا من سيعيش ليدركه ومنا من لن يدركه، كما أنه كان منا من أدركه، ومضى منا قبله من لم يدركه ..
والسؤال الآن هل فترت الهمم عما عهدناه في رمضان؟ هل نسينا ما عزمنا عليه آنذاك ونحن نبكي فراق الشهر ليلة العيد (إن كنا بكينا)
هل فترت الهمم هذه الأيام، بل قبلها بأيام .. عفوا بأشهر بل شهور؟
نعم فترت ... لماذا؟!
لكي نعلم ضعفنا ونلزم قدرنا ولا نغتر بأعمالنا!
فنحن لم نجتهد في رمضان .. لا تظن وتسمي قيامك وصيامك اجتهادا، ولو كنتَ سميته اجتهادا وأعجبك وانتفختْ له أوداجك فاعلم أنه سبب من أسباب الفتور!!
ولنعلم أننا لم نجتهد في رمضان فلندرك كيف مرت عبادتنا فيه:
فلقد كبل الله لنا الشياطين، وسير لنا قارب العمل فصعدنا مع الصاعدين، وسار بنا الركب مع التيار بلا جهد يذكر فما أيسر العمل مع العاملين وهذا حال رمضان والمجتهدين! فما أسهل الإبحار مع التيار ..
فالجميع في رمضان قد صام وقام (أعني أغلب من حولنا)، والجميع تحركت شفتيه بالذكر والقرآن، بل إن مواعيد دوام الأعمال تغيرت فصار لدينا متسع من الوقت للراحة ومن ثم العبادة، فظهرت إمارات الصلاح فأنت لست غريبا ولا تسير ضد التيار ... وما أصعب الإبحار ضد التيار!
وعند انتهاء الثلاثون يوما المباركات وقد نهلنا فيهن من الحسنات – بإرادتك أو رغم أنفك – فلا تعجب بنفسك ولا تظن فيها الخير وتنتفخ أوداجك بالثقة وتتقلب شفتيك ازدراء حال أقوام تظن أنهم لم ينالوا ما نلت، بل احمد ربك الذي أعطاك فلم يحرمك ورَغِم شيطانك فلم يخذلك، وكبح جماح نفسك بما رزقك من الصوم فلم يسلمك .. " قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ " سورة يونس 58
ولم أتعرض في كلماتي القليلة للرياء والتسميع وما إلى ذلك رحمة بنفسي وبالقارئ ..
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى عليه وسلم قال:" لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك" صحيح الجامع.
إذا هذا الفتور الحالي بعد مرور نصف العام على رمضان يجب أن يوجه لكي يكون على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو من نعم الله علينا لنعلم أن الله هو الرزاق يرزقنا العمل ثم يجزل لنا عليه العطاء، فإن حُرمت هذه الأيام عملا كنت عملته من قبل فارفع أكف الضراعة متوسلا لله تعالى، وافرح بقبضة الحزن تعتصر الفؤاد وقل يا رب ردني إليك ردا جميلا .. لعل الذي نفسي ونفسك بيده أن يجري عليك الرزق من جديد فإنه سبحانه ما منعك إلا ليعطيك فابسط كف: وتصدق علينا (1)
فما أحوجنا لمعرفة قدر أنفسنا، وما أحوجنا لرفع أيدي الضراعة لرب العزة سبحانه لنعترف بين يديه بضعفنا وعجزنا إلا أن يتغمدنا الكريم الرحيم برحماته، وما ألطف العليم الخبير بعباده إذ جعل عليهم من أنفسهم واعظا، فما اشتكى أحدهم الفتور إلا كان حقا علينا أن نبشره بالتوبة، فليستبشر خيرا فإن شكواه دليل إيمانه فإنه لو كان ميتا لما كان للجرح ألما، وهل لجرح بميت إيلام؟؟!!
عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة. قال: " تلك محض الإيمان" رواه مسلم
ومن هذا الحديث نفهم أن دخول الوساوس على القلب دليل الإيمان فإن الشيطان كاللص، فما يفعل اللص في البيت الخرب؟؟ اللص يدخل البيوت العمرانه بالذهب والفضة، ونستطيع أيضا أن نقول أن حزن القلب بسبب الفتور والوساوس دليل إيمانه لأنه لو كان كارها للحق لما أحزنه فتوره وضعفه ووسوسته.
¥