تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعلمه واطلاعه وعدله سبحانه وتعالى وإحسانه وكرمه.

بعد هذا التنبيه العظيم لابنه والوعظ الأكيد بأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا ومعناه احذر أن تعصي الله تبارك وتعالى، احذر أن تعصي الله؛ فإن الله سبحانه وتعالى شهيد مطلع وقدير على كل شيء، يحصي عليك كل شيء فإن لم يشأ أن يغفر لك فقد هلكت وإن كان شركا فالهلاك محقق لا شك.

? يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ ? ما قال: صلي، وإنما قال: ? أَقِمِ الصَّلاَةَ ? وتنبّهوا لمعنى الإقامة: يعني؛ أن تأتي بها على الوجه الأكمل الذي شرعه الله سبحانه وتعالى من الطهارة التي لا تقبل الصلاة إلا بها، فلابد من الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر (لاَ يقبل الله صَلاَة بِغَيْرِ طُهُورٍ) ([5]) فلابد من الطهور والطهارة من الحدث الأصغر والأكبر، ولابد من ستر العورة ولابد من استقبال القبلة، وهناك أركان لا بد منها؛ من التكبير إلى التسليم لابد من الإتيان بها، تفتتح صلاتك بتكبير الله وتعظيمه سبحانه وتعالى فتقول: (الله أكبر) ثم تقرأ الفاتحة -ولابد منها- (لا صَلاةَ لِمَنْ لم يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) ([6]) ثم تركع حتى تطمئن راكعًا وإذا لم تأت بالطمأنينة فصلاتك غير صحيحة، فلابد من الطمأنينة، ثم ترفع حتى تطمئن قائما وحتى يعود كل فقار إلى مكانه، لا تستعجل، فلابد من الطمأنينة، ثم تهوي إلى السجود بعد هذه الطمأنينة وتأتي بالسجدة الأولى حتى تطمئن فيها ساجدا، ثم ترفع رأسك وتجلس تذكر الله في هذا الجلوس بين السجدتين ثم تسجد حتى تطمئن ساجدا ثم افعل مثل ذلك في صلاتك كلها كما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسيء صلاته؛

فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دخل الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، فَسَلَّمَ على النبي صلى الله عليه وسلم فَرَدَّ وقال: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لم تُصَلِّ فَرَجَعَ يُصَلِّي كما صلى ثُمَّ جاء فَسَلَّمَ على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لم تُصَلِّ ثَلَاثًا، فقال: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ما أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي فقال: (إذا قُمْتَ إلى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ ما تَيَسَّرَ مَعَكَ من الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حتى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتى تعتدل قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حتى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا وَافْعَلْ ذلك في صَلاَتِكَ كُلِّهَا) ([7]).

وقوله: (اقْرَأْ ما تَيَسَّرَ مَعَكَ من الْقُرْآنِ) هذا مبين بقوله عليه الصلاة والسلام (لا صَلاَةَ لِمَنْ لم يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ)، بعض المذاهب كالمذهب الحنفي يتعلق بقوله (اقْرَأْ ما تَيَسَّرَ مَعَكَ من الْقُرْآنِ) قالوا: يقرأ المصلي أي آية ولو ? مُدْهَامَتَان ? تكفي! هذا غلط؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم بين المراد من قوله (ثم اقْرَأْ ما تَيَسَّرَ مَعَكَ من الْقُرْآنِ) بقوله عليه الصلاة والسلام لا صَلاَةَ لِمَنْ لم يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) (من صلى صَلاَةً لم يَقْرَأْ فيها بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ ثَلاَثًا غَيْرُ تَمَامٍ) ([8]) خداج يعني؛ ميتة مثل جنين الناقة يخرج سقطا ميتا لا فائدة فيه.

وتصلي خاشعًا لله مستحضرا عظمته سبحانه وتعالى ? قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ .. ? إلى آخر الآية الكريمة، الشاهد منها: الخشوع في الصلاة؛ الخشوع هو روح الصلاة، وصلاة لا خشوع فيها ولا استحضار فيها لعظمة الله سبحانه وتعالى ولا تدبر لما يقرأه المصلي فيها خلل شديد؛ يكفي أنه لا يصدق عليه هذا الوصف ? الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ ? يُحرم من هذا الثناء ومن هذا المدح العظيم.

فاحرص على أن تخشع في صلاتك؛ أن تنسى الدنيا؛ تنسى المال والعيال وتنسى كل شيء ولا يبقى في ذاكرتك إلا استحضار عظمة الله سبحانه وتعالى وتدبر ما تتلوه من الآيات التي تزيدك إيمانا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير