? لا تُشْرك بالله إنَّ الشرك لَظُلْمٌعَظيم ? لا أعظم من الشرك بالله تبارك وتعالى؛ لأنه ذنب لا يغفر قال تبارك وتعالى ?إن الله لا يغفرُ أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ? ? ومن يشرك بالله فكأنماخَرَّ مِن السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مَكان سَحيق ?،قال: ? إنَّالشرك لَظُلْمٌ عظيم ?.
عن عبد اللَّهِ رضي الله عنه قال: لَمَّانَزَلَتْ هذه الْآيَةُ ? الَّذِينَ آمَنُوا ولم يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ?شَقَّ ذلك على أَصْحَابِ النبي صلى الله عليه وسلم وَقَالُوا: أَيُّنَا لم يَظْلِمْنَفْسَهُ؟! فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (ليس كما تَظُنُّونَ إنما هوكما قال لُقْمَانُ لإِبْنِهِ: يا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَلَظُلْمٌ عَظِيمٌ). ([1])
فبين لهم أن المراد بالشرك إذا أطلق إنما هوالشرك الأكبر، والكفر العظيم الذي يستحق صاحبه غضب الله الشديد وتعذيبه الخالدالمؤبد؛ ذنب لا يغفر ولهذا قال لقمان لابنه: ? إن الشرك لظلم عظيم ?.
ثمقال الله تبارك وتعالى كلاما معترضا أثناء وصايا لقمان الحكيم لابنه، والله تباركوتعالى في عدد من الآيات يقرن حقّ الوالدين بحقّه؛ فتأتي الوصية بحق الله تباركوتعالى ثم يعقبها الوصية بحق الوالدين في عددٍ من الآيات ? وَاعْبُدُواْ اللّهَوَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ?? وقَضى ربك ألاَّتَعبُدَ إلا إيَّاهُ وبالوالدين إحساناً ?.
وهنا ذكر وصية لقمانلابنه وعقبها بقوله: ? وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُوَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَإِلَيَّ الْمَصِيرُ ?.
وَصَّاهُ بحقِّ والِدَيْه أنْ يُحسن إليهما، وبين الأسباب التي تحتم عليه أن يشكر لهما ويعرف حقهما، أشار إلى ماذا تعاني الأمالتي أوصاك الله بالإحسان إليها ? حَمَلتْهُ أُمُّه وهنًا عَلى وهنٍ ? يعني؛ ضعفاًعلى ضعف؛ هي ضعيفة البنية وتزيدها آلام الحمل ومشاكله ومشاقّه من الغثيان ومنالدوران ومن الوحم كما يسمونه إلى آخره، آلام ومشقات، وبعد هذا آلام الوضع: ?حَمَلتهُ كُرهاً وَوَضَعَتْهُ كُرهاً ? مَشقة وتَعب وأخطار وقد تموت، ثم بعد ذلكتربيك وتسهر عليك، ويحول الله دمها إلى حليب لترضعه منها، وخير شيء لتربية الولدونمو جسمه أن يرضع من لبن أمه؛ حمل وولادة؛ حمل على كره وعلى ضعف وعلى مشقّات، والولادة كذلك، وبعد ذلك التربية والحضانة والرعاية وسهر وتعب وبكاء وآلام فعليك أنتكافئها، ولهذا قرن الله شكرهما بشكره ? أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّالْمَصِيرُ ?.
إن لم تقم بحق الله وشكره وشكر والديك فسوف يعاقبكعلى عدم القيام بحق الله وبحق الوالدين أو التقصير في أيهما.
?إِلَيَّ الْمَصِيرُ ? هذا فيه وَعيد، وسيُحاسِبُك على ما قدمت في هذه الحياة؛ هلقمت بشكر الله؟ هل قمت بالواجبات التي شرع الله ومن أهمها بعد حق الله وحق رسوله: حق الوالدين؟ حق الوالدين؛ والله من وراءك حساب إن لم تعامل أبويك وتقم بحق اللهوحق والديك من الشكر فإن الله ما خلقك سدًى ولا هملا، وإنما خلقك لتعبده وتقومبأوامره وتبتعد عن معاصيه، ومن أوامره: أمره إيّاك بالقيام ببر والديك بعد القيامبحقه سبحانه وتعالى، والله لا يضيع مثقال ذرة ولا يظلم مثقال ذرة.
قال اللهتبارك وتعالى بعد ذلك: ? وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَبِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاًوَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ?.
إذا أمراك بمعصية الله؛ كبيرةكانت أم صغيرة، وعلى رأس المعاصي الشرك بالله، فلا تطعهما، فليس لهما أي حق أنيأمراك بمعصية الله شركا كان أو غيره (لا طاعة لمخلوق في معصية الله) ([2]) فإنأعاناك على طاعة الله ووجهاك وربياك التربية الصحيحة فهذا لهما وإن انحرفا وجاهداكواجتهدا على أن تدخل في الشرك بالله عز وجل وتقع فيه فلا طاعة لهما، ولكن لا يسقطبرهما ولو جاهداك وآذياك لتكفر بالله عز وجل فعليك أن لا تنسى حقهما، ? وصاحبْهُمَافي الدنيا مَعرُوفًا ? يعني؛ تحسن إليهما وتبرهما وتنفق عليهما ولو كانا كافرين، وتبرهما في غير معصية الله؛ تخدمهما والمطالب التي يطلبانها منك عليك
¥