أن تقوم بها، وهذا من المعروف؛ كل ما يطلبانه مما ليس بمعصية فعليك أن تقوم به.
فحقالوالدين لا يسقط، ولو وقعا في بدعة، ولو وقعا في الشرك، فإنه لا بد أن تصحابهما فيالدنيا معروفا.
ثم عليك أن تتبع سبيل من أناب ? وَاتَّبِعْ سَبِيلَمَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ? ترجع إلى الله تبارك وتعالى وتطيعه وتعبده متبعا سبيلالمنيبين إلى الله من الأنبياء وأتباعهم من العلماء الناصحين وعباد الله الصالحين؛ تقوم بحق الله تبارك وتعالى وحقوق العباد فإن هذا سبيلهم؛ سبيل من أناب أن يقوموابحقوق الله وحقوق خلقه؛ من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله، وأمور أخرى يراها هذا المنيب إلى الله تبارك وتعالى.
يعني في التوحيد وفيالعبادة وفي الأخلاق وفي كل ما جاءت به الشرائع من الخير وما نهت عنه من الشر ومنذلك الشرك بالله تبارك وتعالى ومحادّة الرسل ومخالفتهم؛ هذا هو المنيب الرجّاع إلىالله؛ إن أذنب يتوب إلى الله توبة نصوحا، ويتبع أحسن الحديث وهو ما جاءت به الرسلعليهم الصلاة والسلام المشتمل على التوحيد ومحاربة الشرك والاستسلام لله ربالعالمين في كل ما يأمر به وينهى عنه.
? ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْفَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ? مرجع الناس جميعا إلى الله تباركوتعالى وسيحصي عليهم كل شيء وينبئهم به، ومن ذلك هل قام الولد ببر أبويه؟ وهلاستقام الأبوان على دين الله الحق؟ وسيحاسبهما الله على ما كان يأمرانك به منالشرك.
فالمرجع إلى الله سبحانه وتعالى وسينبئ العباد؛ الخلق كلهممرجعهم إلى الله، وسوف يسأل الله كل المخلوقين؛ كل بني آدم، بل الجن والإنس سوفيسألهم ? فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّالْمُرْسَلِينَ -6 - فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ -7 - ? (الأعراف 6 - 7).
هناك ينصب الله تعالى الموازين، فتوزن أعمال العباد إن خيراوإن شرا فشرّ، ويأتي بمثاقيل الذر في هذا الحساب الدقيق الذي أحاط الله منه بكل ذرةمن ذراته؛ من الأعمال الصالحة والسيئة ? ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمبِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ? بالعمل والعقائد؛ العقائد الصحيحة في ميزان الحسناتوالعقائد الفاسدة في ميزان السيئات، الأعمال الصالحة في كفة الحسنات والأعمالالطالحة في كفة السيئات.
ويُعطي الله كل واحد كتابه بيمينه سبحانه وتعالىكما ذكر في سورة الحاقة: ? فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُهَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ -19 - إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيهْ -20 - فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ -21 - فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ -22 - قُطُوفُهَادَانِيَةٌ -23 - كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِالْخَالِيَةِ -24 - وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ -25 - وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ -26 - يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ-27 - مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ -28 - هَلَكَعَنِّي سُلْطَانِيهْ -29 - خُذُوهُ فَغُلُّوهُ -30 - ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ -31 - ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ -32 - ? (الحاقة: 19 - 32).
بعد هذا استكمل الله تعالى وصية لقمان ووعظه لابنه فقال: ? يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍأَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَلَطِيفٌ خَبِيرٌ ?.
دعاه إلى التوحيد وبين له علم الله وعظمته وقدرته؛ علمهالذي أحاط بكل شيء في السماوات وفي الأرضين، وأن الله لا يعزب عنه مثقال ذرة فيالسماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين، فهذا العلم علمهالأنبياء؛ كل الأنبياء يعرفون هذا ويلقنون الناس هذه العقائد، وهذا مما تلقاه لقمانمن النبوات، ويذكر أنه كان معاصرا لداود عليه الصلاة والسلام، بعد رسالة نوح وهودوصالح وإبراهيم وموسى والأنبياء بعد موسى عليه الصلاة والسلام إلى داود، فهذهالأمور موجودة عندهم؛ الأمر بتوحيد الله ووصف الله بصفات الكمال، ومنها قدرته علىكل شيء؛ لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء صغيرا كان أو كبيرا ? إِنَّمَاأَمْرُهُ إِذَا
¥