كان كشف الرؤوس من خرم المروءة عند المسلمين؛ يعني الذي يمشيفي السوق كاشفا رأسه عندهم مخروم المروءة ولا يقبلون شهادته، فتخلصوا من تقليدالغرب ومن تقاليده السيئة -بارك الله فيكم- لا تقلدوا أعداء الله، عندنا معروفوعندنا أخلاق وعندنا عادات عالية رفيعة، وهم عندهم عادات ساقطة؛ يأكلون لحم الخنزيرويستبيحون المحرمات وهبوط أخلاقي لا نظير له ودياثة و ... و ... إلى آخره، فكيف نتشبهبهم وهم أسقط خلق الله وأحطّهم؟! لا نتشبه بهم أبدا -بارك الله فيكم- هذا منالأخلاق التي سنتكلم عنها.
ثم قال: ? وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ?
الصعر هو الميل؛ لا تتكبر على الناس؛ عندما يكلمك أحد تدير خدّك هكذا؛ هذامن الكبر يكلمك أحد فتعرض عنه وتلتفت هكذا وأنت شامخ؛ لا هشاشة ولا انبساط؛ يعنيمستكبر ومتعالٍ!
فهذا نهي عن الكبر، ومن آثاره أن يلوي عنقه هكذا؛ يصعرخده للناس يعني يلويه هكذا.من الصعر وهو مرض يصيب الإبل فتلتوي أعناقها.
فهذا زجر عن الكبر، فعليك بالتواضع؛ التواضع لله رب العالمين، والتواضعلعباد الله المؤمنين، تعامل مع الناس بالأخلاق الطيبة، والكبر مذموم جدا ويدفعكثيرا من الناس إلى الكفر بالله! يستكبر فلا يستمع للرسل ولا يسمع لآيات الله ?إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَاكَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ? (لقمان 7).
فالكبر من أكبر الدوافع إلى الكفر بالله ورفض ما جاءت به الرسل عليهمالصلاة والسلام و (الكِبْرُ بطر الحق وغَمْطُ الناس) ([11]) وردّ الحق؛ يعني سواءرد الحق بما في ذلك التوحيد أو أي حق من الحقوق يأتيك فلا تخضع له وترفضه وتحتقر منيأتيك به؛ تغمط الذي يأتيك به وترد الحق الذي عنده.
ولا يجوز الكبربأي حال من الأحوال؛ خلق ذميم ويبغضه الله (الكبرياء رِدائي والعظمة إِزاري فَمننازعني واحدًا منهما قَذفتُه في النار) ([12]) وفي رواية (الكبرياء ردائي فمننازعني في ردائي قصمته) يعني يهلكه ويقطع دابره، فلا تستكبر و (لا يدخل الجنةمَنْ كان في قَلبه مِثقال ذَرَّة مِن كِبْر) ([13]).
حارب نفسك من الكبر؛ خلق خبيث يدفع إلى الكفر وإلى احتقار الناس وإلى رد الحق. لهذا؛ هذا الحكيم وصىابنه أن لا يصعِّر خده للناس؛ أن لا يتكبر على الناس؛ يكلمك أحد وأنت شامخ معرضعنه، تواضع؛ أنت إنسان مسكين، ضعيف، خُلِقت من تراب، خُلِقت من منِّيٍ قذر وتتغوطوتزور الحمام مرات كل يوم، كيف تتكبر؟!
كيف تتكبر على الناس وأنت هذا حالك، من أنت؟!
ثم لو تصيبك شوكة تبكي منها كيف تتكبر على الناس؟!
فيجب على الإنسان أن يهين نفسه إذا تكبرت وشمخت ويذكِّرهابحقارتها ودناءتها، وأن من أحقر الناس المستكبرون -والله أنا في نفسي- ما أحتقر إلاالمستكبرين والكذابين، والله أرى أضعف الناس فأقول هذا أحسن مني، وأرى المتكبر مهماكان من أي طبقة والله من أتفه الناس وأحقر الناس عندي؛ لا أحقر من المتكبر ولايتكبر إلا من دناءة وانحطاط خلقي ونفسي.
? وَلاَ تَمْشِ فِيالأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ? لا تختل ولاتفخر هذا من آثار الكبر؛ المشي المَرِح والبطر والأشر والاختيال، ? إن الله لايُحِبُّ كُل مُختال فَخُور ? يفتخر على الناس بنسبه، بجاهه، بماله، بسلطانه، بعلمه، بأي شيء يختال على الناس ويفتخر عليهم؟! الله يبغض هذا الخلق؛ خلق بغيض، خلق دنيء، يبغض الله أهله ويحتقرهم ويزدريهم ويعاقبهم أشد العقوبة على هذا الخلق؛ إذا ما أحبك الله فما معناه؟! معناه أنك عدوٌّ لله إذا ما أحبك الله، وأنت على كبرواختيال وافتخار وتطاول على الناس بأي شيء من الأشياء التي تفتخر بها ? وَلاَتَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَالْجِبَالَ طُولاً ? (الإسراء 37).
¥