تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من أنت؟! حتى لو بلغت الجبالطولا لا يجوز لك أن تتكبر، وحتى إذا خرقت الأرض إلى الأرض السابعة لا يجوز لك أنتتكبر؛ لأنك مخلوق مسكين، ومن حق الله عليك أن تتواضع، والله فرض عليك التواضع وحرمعليك الكبر؛ لأن الإسلام يحارب الأخلاق الرذيلة أشد الحرب؛ كل الأخلاق الرذيلةيحاربها الإسلام؛ الفحش والكذب والخيانة والغش والكبر؛كل الأخلاق هذه يحاربهاالإسلام حربا شديدة، فيجب أن ننبذها وأن نربّي الناس على ضدها من الأخلاق الطيبةالتي يحبها الله تبارك وتعالى ويرضاها ويحب أن نتخلق بها، وحسن الخلق من أثقلالأعمال في الميزان يوم القيامة، وأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، والرسول بعثمتمما بمكارم الأخلاق؛ الأخلاق موجودة عند الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، منهاالحياء ومما أثر عنهم ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم (إن مما أدرك الناس منكلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت) ([14]).

الحياء خلق كبير -ياإخوة - الحياء خلق عظيم وشعبة من شعب الإيمان، وصاحب الحياء يحجزه الحياء من أنيرتكب معصية الله؛ يحجزه الحياء من أن يقع في الأخلاق الدنيئة؛ الحياء خلق نبيلوخلق عظيم لابد أن يتخلق به الإنسان؛ فإنه من أعظم الروادع للإنسان أن يرتكب معصيةأو يقع في خلق دنيء، لهذا قال الأنبياء كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم (إنَّمِما أَدركَ الناس مِن كلام النبوة الأولى إذا لم تَستحِ فاصنع ما شِئتَ)، الذييقع في الشرك لا يستحي من الله، المبتدع لا يستحي من الله ولا يحترم هذه الشريعةالتي شرعها الرسول عليه الصلاة والسلام، والفاسق عنده خلق دنيء وفيه عدم الحياء منالله.

فالحياء لا بد منه -يا إخوان- ولابد من نبذ الأخلاق الرديئة، تعلمواهذه الأشياء وطبقوها في حياتكم -بارك الله فيكم- وأذكر حديث وفد عبد القيس:

جاء وفد عبد القيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونزلوا قريبًا منالبقيع ووضعوا رواحلهم هناك ومشوا فورا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وبقي الأشج؛ تأخر ولبس أحسن ثيابه وجاء يمشي في سكينة وسلم على النبي عليه الصلاة والسلام، قالله: (إِنَّ فِيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا الله: الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ) يقابلالحلم والأناة: الطيش والسفاهة فحذار حذار مما ينافي هذين الخلقيين، فقال: يا رسولالله: أخلقين تخلقت بهما؟ أم خلقين جبلت عليهما؟ فقال: (بل خُلقان جُبِلْتَعليهما) فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله تعالى ([15]).

الله يُحب الحلم والأناة ويبغض العجلة والطيش وما ينافيهذين الخلقيين فاحرصوا على التخلق بهذين الخلقيين الذين يحبهما الله.

احفظوا هذا الحديث (إِنَّ فِيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا الله: الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ) والإنسان إذا كان يفقد مثل هذه الأمور العظيمة يربي نفسهعليها، (من يَسْتَعِفَّ يُعِفَّهُ الله وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهوَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله وَلَنْ تُعْطَوْا عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ منالصَّبْرِ) ([16]) ربِّ نفسك على الصبر وعلى الحلم وعلى الحكمة وعلى الأخلاقالعالية.

بجهادك لنفسك تتحول هذه إلى ملكات إن شاء الله والحديث يشير إلىهذا (أخلقين تخلقت بهما) يعني قد ينشأ الحلم والأناة عن التخلق وتربية النفس علىالأخلاق الكريمة، فالنفس قابلة للتربية على الخير وعلى الشر،إن ربيتها على الشرنمت عليه وألفته وصار من طباعها -والعياذ بالله- وإن ربيتها على الأخلاق الكريمةتطبعت بها وصارت جزءً من حياتها وصارت ملكة لصاحبها.

فاحفظوا هذه الوصايا: التوحيد ومحاربة الشرك وإقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخلاقالفاضلة العالية؛ محاربة الكبر والفخر والخيلاء وما شاكل ذلك، وتعلموا الحلموالأناة وكل هذه الأخلاق، ادرسوها من كتاب الله ومن سنة رسول الله عليه الصلاةوالسلام فإن هذه الأخلاق جانب مهم من جوانب الإسلام ومن صميم الدعوة السلفية، بهاتنتشر دعوتكم ويرفع الله مكانتكم عند الناس، وبخلافها توضع هذه الدعوة وتشوه أمامالناس.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير