تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أم يوسف العربي]ــــــــ[31 - 10 - 10, 11:27 ص]ـ

العلم وأخلاق أهله

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيله إلى يوم الدين، أما بعد:

"العلم وأخلاق أهله" العلم معلوم لدى الجميع فضله، وأن أشرف شيء يطلبه الطالبون، ويسعى في تحصيله الراغبون هو: العلم الشرعي، فإن العلم يطلق على أشياء كثيرة، ولكن عند علماء الإسلام المراد بالعلم هو: العلم الشرعي، وهو المراد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عند الإطلاق، وهو العلم بالله وبأسمائه وصفاته، والعلم بحقه على عباده، وبما شرعه لهم سبحانه وتعالى. والعلم بالطريق والصراط الموصل إليه وتفاصيله، والعلم بالغاية والنهاية التي ينتهي إليها العباد في الدار الأخرى.

هذا العلم الشرعي هو أفضل العلوم وهو الجدير بالطلب والحرص على تحصيله؛ لأنه به يعرف الله سبحانه وتعالى وبه يعبد، وبهذا العلم يعرف ما أحل الله وما حرم وما يرضيه وما يسخطه. وبهذا العلم يعرف المصير إليه والنهاية من هذه الحياة، وأن قسماً من هؤلاء المكلفين ينتهون إلى الجنة والسعادة، وأن الآخرين وهم الأكثرون ينتهون إلى دار الهوان والشقاء، وقد نبه أهل العلم على هذا وبينوا أن العلم ينحصر في هذا المعنى، وممن نبه عليه القاضي ابن أبي العز شارح الطحاوية في أول شرحه، ونبه عليه غيره كابن القيم وشيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة آخرين. وهو واضح ويتفاوت في الفضل بحسب متعلقاته، فأفضله وأعظمه وأشرفه ما يتعلق بالله وأسمائه وصفاته، وهو علم العقيدة، فإن الله جل وعلا له المثل الأعلى سبحانه وتعالى، وهو الوصف الأعلى من جميع الوجوه في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.

ثم يلي ذلك ما يتعلق بحقه على عباده، وما شرعه من الأحكام، وما ينتهي إليه العاملون، ثم ما يتبع ذلك مما يعين عليه، ويوصل إليه من علم قواعد العربية، والمصطلحات الإسلامية في أصول الفقه، ومصطلح الحديث، وفي غير ذلك مما يتعلق بذلك العلم ويعين عليه، وعلى فهمه، والكمال فيه. ويلتحق بذلك علم السيرة النبوية، والتاريخ الإسلامي، وتراجم رجال الحديث وأئمة الإسلام، ويلتحق بذلك كل ما له صلة بهذا العلم.

وقد شرف الله أهل هذا العلم، ونوه بهم وعظم شأنهم سبحانه، واستشهدهم على توحيده، والإخلاص له، حيث قال عز وجل: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [5]، فاستشهد أهل العلم على وحدانيته مع الملائكة، فالملائكة عليهم السلام وأولو العلم الشرعي هم الشهداء على توحيد الله والإخلاص له، وأنه رب العالمين، وأنه الإله الحق، وأن العبادة لغيره باطلة، وكفى بها شرفاً لأهل العلم، حيث استشهدهم على وحدانيته واستحقاقه في العبادة سبحانه وتعالى، وبين جل وعلا أنهم لا يستوون مع غيرهم بقوله سبحانه وتعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ [6]، ويقول عز وجل: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ [7]. فلا يستوي هؤلاء وهؤلاء، لا يستوي من يعلم أن ما أنزل الله هو الحق وهو الهدى، وهو طريق السعادة، مع الذين قد عموا عن هذا الطريق، وعن هذا العلم، فرق عظيم بين هؤلاء وهؤلاء، فرق بين من عرف الحق واستضاء بنوره، وسار على هداه إلى أن لقي ربه، وفاز بالكرامة والسعادة، وبين من عمي عن هذا الطريق واتبع هواه، وسار في طريق الشيطان والهوى. لا يستوي هؤلاء وهؤلاء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير