[حديث مرعب وقد بكى منه معاوية, فما بالنا, أجفت عيوننا .. ؟!]
ـ[حفيدة أم المؤمنين]ــــــــ[08 - 11 - 10, 02:06 م]ـ
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على النبىّ الأمين, وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين, وعلى أصحابه الغر الميامين, وعلى من اتبع هداهم إلى يوم الدين, ثم أما بعد
فهذا حديثٌ جليل, يُحق له أن تنشق الأرض منه وتخر الجبال هدّا فضلاً على أن تبكى منه العيون, وترتجف منه القلوب, وتخشع له الجوارح, لِمَ الله وهو ...
خرَّج مسلم من حديث أبى هريرة –رضى الله عنه-: سمعت النبىّ –عليه الصلاة والسلام- يقول: إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه: رجل استُشهد فأُتىَ به فعَرَّفَهُ نعمه فعرفها فقال: ما عملت فيها؟ قال: قاتلتُ فيكَ حتَّى استُشهدتُ؟ قال: كذبت ولكنّك قاتلت لأن يُقال جريءٌ فقد قيل, ثم أُمر به فسحب على وجهه حتى أُلقى فى النار,
ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأُتىَ به فعرَّفه نِعَمَهُ فعرفها قال: فما عملتَ فيها؟ قال تعلمتُ العلم وعلّمته, وقرأتُ فيكَ القرآن؟ قال كذبت ولكنّك تعلمتَ العلمَ ليُقال عالمٌ, وقرأت القرآن ليقال قارئ فقد قيل ثم أُمِرَ به فسُحِبَ على وجهه; حتى أثلقى فى النار,
ورجلٌ وسَّعَ الله عليه وأعطاه من أصناف المال كُلَّه فأُتىَ به فعرَّفه نِعَمَه فعرفها, قال فما عملت بها؟ قال: ما تركت من سبيل تحبُّ أن يُنفق فيها إلا أنفقتُ فيها لك؟ قال: كذبت ولكنك فعلتَ ليقال هو جوَّادٌ فقد قيل, ثم أُمِرَ به فسُحِبَ على وجهه ثم أُلقى فى النار.
معاوية يبكى عند سماعه هذا الحديث:
وفى الحديث أن معاوية لما بلغه هذا الحديث بكى حتى غُشِيَ عليه, فلما أفاق قال: صدق الله ورسوله, قال الله عز وجل:
" مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ {15} أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ " (1)
فقد بكى معاوية عند سماعه هذا الحديث, والسؤال هاهنا: ما تأثير هذا الحديث فى نفوسنا .. ؟! أبكت أعيننا .. ؟! أأقشعرت له الجلود .. ؟! أتصدع له القلب .. ؟! أخشعت عند سماعه الجوارح .. ؟!
بل هل سنسعى إلى تجديد نوايانا وإخلاصنا إلى الله تبارك وتعالى .. ؟!
أيها الناس
فقد أورد هذا الحديث ابن رجب –رحمه الله- وهو يتعرض لحديث "إنما الأعمال بالنيات", وبالتحديد عند قول النبىّ –عليه الصلاة والسلام- "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله, ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه"
فلا مفر, إما أن نصدق ونُخلص فى نوايانا, وإلا خسرنا دنيانا وأخرانا -عياذاً بالله-
وإليكم حال سلفنا كى نقتدى بهم, فإن من أراد أن يسلك طريقاً اتبع عارفاً خِرِّيتاً ليقتدى به:-
عن زبيد اليامى قال "إنى لأحب أن تكون لى نية فى كل شئ, حتى فى الطعام والشراب"
وقيل لنافع بن جبير ألا تشهد الجنازة؟ قال: كما أنت حتى أنوى (!!) قال: ففكر هنيهة ثم قال: امض
وعن مطرف بن عبد الله قال "صلاح القلوب بصلاح العمل, وصلاحُ العمل بصلاح النية"
وعن ابن المبارك قال "رُبَّ عملٍ صغير تُعَظِّمه النية, ورب عمل كبير تُصَغِّره النية"
وعن بعض السلف قال "من سَرَّه أن يكمل له عمله فليُحسن نيَّته; فإن الله عز وجل يأجر العبد إذا حَسُنَت نيته حتى باللقمة"
وقال ابن عجلان "لا يصلح العمل إلا بثلاث: التقوى لله, والنية الحسنة, والإصابة" (2)
وقال الفضيل بن عياض "إنما يريد الله عز وجل منك نيتك وإرادتك" (3)
وهنا الكفاية لمن يرد لنقسه النجاة من الغواية, فيا ويحنا إن لم نُرزق الهداية
" وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ "
والحمد لله رب العالمين