تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لم يلتفت إليهما و أدبر مسرعا إلى البعيد عنهما، كأنما يخشى غلبة الشفقة

على فؤاده، فيبدوعليه جمّ حبّه لهما و فيض حنانه و وداده، يخشى أن يفضحه إذا ما التفت

ناظراه، يصبرّ النفس أنه إنما يصدّق أمر مولاه، لسان حال الخليل:

أوّااااااااه، أوَّااااااااااه مِن قلبٍ تفطّر وحشة عند الفراق، فصبر جميل

فالله خير حافظا وخير واقٍ

فلما انقطع منهما عنه النظر، استقبل البيت الحرام كما جاء في صحيح الخبر

رافعا كفَّيه إلي السماء متوجها قلبه إلى العَلِي بخالص الحبّ و الرجاء:

= (( .... ثم رجعت، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه، استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الكلمات، ورفع يديه فقال: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون} سورة إبراهيم / آية:36 .... .)) صحيح البخاري رقم: 3364

**قال السعدي في تفسيره:وذلك أنه أتى بـ "هاجر" أم إسماعيل وبابنها إسماعيل عليه الصلاة والسلام وهو في الرضاع، من الشام حتى وضعهما في مكة وهي -إذ ذاك- ليس فيها سكن، ولا داع ولا مجيب، فلما وضعهما دعا ربه بهذا الدعاء فقال -متضرعا متوكلا على ربه: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي} أي: لا كل ذريتي لأن إسحاق في الشام وباقي بنيه كذلك وإنما أسكن في مكة إسماعيل وذريته، وقوله: {بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} أي: لأن أرض مكة لا تصلح للزراعة.

{رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاة} أي: اجعلهم موحدين مقيمين الصلاة لأن إقامة الصلاة من أخص وأفضل العبادات الدينية فمن أقامها كان مقيما لدينه

{فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} أي: تحبهم وتحب الموضع الذي هم ساكنون فيه.

فأجاب الله دعاءه فأخرج من ذرية إسماعيل محمدا صلى الله عليه وسلم حتى دعا ذريته إلى الدين الإسلامي وإلى ملة أبيهم إبراهيم فاستجابوا له وصاروا مقيمي الصلاة.

وافترض الله حج هذا البيت الذي أسكن به ذرية إبراهيم وجعل فيه سرا عجيبا جاذبا للقلوب، فهي تحجه ولا تقضي منه وطرا على الدوام، بل كلما أكثر العبد التردد إليه ازداد شوقه وعظم ولعه وتوقه، وهذا سر إضافته تعالى إلى نفسه المقدسة.

{وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} فأجاب الله دعاءه، فصار يجبي إليه ثمرات كل شيء، فإنك ترى مكة المشرفة كل وقت والثمار فيها متوفرة والأرزاق تتوالى إليها من كل جانب.]

انتهى.

* وبعد سوق تلكم الآية وتفسيرها، هل لاحظتنَّ ما كان من عجيب أمرها:

1 - بدأ الخليل بأن دعا لهم بصلاح دينهم (وإقامة الصلاة)

2 - لم يدعُ عليه السلام لحَبَّيه بمحض أنسٍ من الأنام.

3 - وأخَّر الخليل الدعاء لهم بشيء من الثمرات و الرزق،

و قرن دعاءه راجيا أن يهديهم ربهم ليقابلوا رزقه بكثير من الامتنان و الشكر.

اللهم فقهنا في ديننا وعلمنا اللهم ما ينفعنا وانفعنا اللهم بما علمتنا

وزدنا الله من فضلك وجودك وكرمك علما ترضى به عنا آمين.

يتبع.

ـ[أمة الله المغربية]ــــــــ[12 - 11 - 10, 06:05 ص]ـ

بارك الله فيكم ورفع قدركم

ـ[أم هانئ]ــــــــ[13 - 11 - 10, 12:23 م]ـ

بارك الله فيكم ورفع قدركم

وفيك بارك الله أختنا الكريمة وأحسن إليك في الدنيا والآخرة آمين

ـ[أم هانئ]ــــــــ[13 - 11 - 10, 12:24 م]ـ

باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

10 - تأملاتُ أمٍّـ

****************************** *****

* نتابع معًا أخواتي الكريمات رحلتنا مع تأملات الأمّ، أبدأ مستعينة بالله تعالى

سائلته التوفيق والسداد:

(2)

وما زلنا نجتر معا أخواتي تلكم الأحداث، نعيشها بعين الخيال حابسي الأنفاس

انطلق الخليل عائدا إلى دياره بالشام، مستودعا اللهَ أهله داعيا لهم بسلام

لزمت أم اسماعيل مكانها، تشرب من الماء و ترضع وليدها، فلما نفد ما معهما من الماء

وجف ما كان يُقِيتُها من السقاء، عطشت وأصاب حلقها الصدا، وياليت عند هذا الحد الأمر

قد انقضى، بل أصاب شديد العطش صغيرها، فعلا صراخه مما أفزعها و أفرغ فؤادها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير