نأتي إلى المتأخرين في شروح الحديث خاصة علماء الهند، علماء الهند شرحوا البخاري [شرحوا مسلما] وشرحوا أبا داوود، وشرحوا جامع الترمذي، وشرحوا النسائي، وشرحوا ابن ماجه، شرحوا الجميع، ومسند الإمام أحمد شرحه الشيخ أحمد البنا رحمه الله، هذه الشروحات للأحاديث من أين استقيت؟ لابد للمؤلف مراجع، فإذا أراد الباحث أن يقتصر عليها فإنه يضعف بقدر ذلك، تبحث تكشف سريعا هذا حسن، لكن إذا أردت أن تبحث بحثا مدقق وتنشره ويكون لك فائدة بشيء تقتنع به لابد أن تتوسع في البحث مرة وتصل إلى أقصى الموجود، هذه الطبقة من الشروح تجد أن اعتمادهم على أربعة أنواع من الكتب:
• في اللغة اعتمدوا على القاموس دون غيره.
• وفي شروح الأحاديث اعتمدوا على شرح المشكاة الذي هو مرقاة المصابيح لعلي القاري وفتح الباري ونيل الأوطار، هذا الثاني.
• الثالث في نقلهم للمذاهب الفقهية اعتمد بعضهم على بعض، السلسلة تدور، هذا يأخذ من هذا، وهذا سبق هذا، وإلى آخره.
• الرابع في مسألة التحقيق والتحريم إذا قال الراجح فهو يرجِّح بحسب ما تاح له في ذلك الوقت بحسب وضعه، تارة تجد أنه يقول أن هذا واجب تارة يقول أنه مستحب، وكلما كان أقوى في الأصول وفي الاستدلال وفي الاجتهاد كلما كان نظره أدق، من لم يدرك علم الأصول مثل من أدرك علم أصول الفقه كالشوكاني، ليس بمنزلة من أدرك علم الإسناد والصحيح من الضعيف مثل من لم يدرك ذلك في الشروح.
فإذن ليس كل ما قيل في شروح الأحاديث هذه المتأخرة مسلم بل لابد للباحث لا يقتصر عليها ليصل إلى كلام المتقدمين.
أغرب من ذلك أن يقتصر الباحث على كلام بعض المعاصرين في نصوصهم، سواء في اللغة أو في العلوم المختلفة، لاشك أن هذا ضعف لأنه من حيث أخذوا فخذ، ومن حيث نقلوا فانقل، والحمد لله الآن ثورة علمية كبيرة بوجود هذه الكتب بينا، فلابد للباحث أن يصل إلى أوائل المسائل.
هذه الكلمات لعلها تفتح مجالا في إقبالة هذه الدروس على تنشيط كل واحد منكم وممن يسمع هذا الكلام في البحث، فطالب العلم ما يشتاق للعلم يتحرك فيتفاعل معه إلا بالبحث، لابد أن يقسم أمره على هذه الأقسام الثلاثة:
• لابد من طلب العلم على الأشياخ.
• لابد من المطالعة والقراءة لتستفيد.
• لابد من بحث مسائل تتنقح عندك وتتضح الصورة ويكون عندك شغف بالعلم.
وكلما كنت أرغب في البحث كلما كان رغبك في العلم وصلة بالكتب أعظم.
أسأل الله جل وعلا أن يقويني وإياكم في العلم والتحصيل، وأن يذكِّرنا منه ما نسينا إنه سبحانه جواد كريم.
أسأله جل وعلا أن يثبت العلم في قلوبنا، وأن يعلمنا ما جهلنا، وأن يذكِّرنا بالعلم والعمل جميعا وأن يختم لنا بالرضا إنه جواد كريم.
سبحانه نسأله وهو مجيب بدعوة الداعي إذا دعاه.
كما أسأله جل وعلا أن يبارك في أعمار علمائنا الذين عن طريقهم فهمنا العلم ونبت لنا أجنحة طرنا بها في سماء العلم، وأسأله سبحانه أن يرحم المتقدمين من علمائنا الذين أفادون بمصنفاتهم وبعلومهم فبيننا وبينهم سبب وثيق وصلة عظيمة ألا وهي صلة العلم ولهم منا الدعاء دائما: ربما اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
[الأسئلة]
س1/ نرى هناك من كبار علماء الإسلام في القديم والحديث من لهم قدم راسخة في العلم وقد فقدوا البصر منذ الصغر، فكيف حصلوا هذا العلم دون الإطلاع على الكتب؟
ج/ الجواب مختصر، المعروف الذي شرح الجلالين الشرح في فقه الشافعية كان في الليل كان أعمى البصر كان في الليل تقرأ له زوجته، لابد أن يقرأ عليه، الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله الجد ورفع درجته كان يقرأ عليه من الشباب الشيخ عبد العزيز بن مرشد كانا متزاملين يقرأ عليه الكتب، في دروسه يقرأ عليه خاصته من الطلبة يحضرون بعد العشاء هو يعرف مظان البحث؛ لأنه مر عليه كتب كثيرة يقول هات بالكتاب الفلاني ابحث فيه، فمن فقد البصر فبالعلم يكون من أولوا البصيرة فهم أولوا الأبصار إذا كانوا علماء.
س2/ ما صحة قوله صَلَّى الله عليه وسلم نهى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أن يبرك أحدكم كما يبرك البعير؟
¥