[بين يدي عدل]
ـ[ام اسحاق السلفية]ــــــــ[17 - 11 - 10, 03:45 م]ـ
الحمد لله الذي شرح صدور أهل الإسلام للهدى, ونكت في قلوب أهل الطغيان فلا تعي الحكمة أبدا ,واشهد انَّ لا اله إلا الله إلها أحدا, فردا صمدا, ما اتخذ صاحبة ولا ولدا, واشهد انَّ محمدا عبده ورسوله ما أعظمه عبدا وسيدا ,وما أكرمه أصلا ومحتدا, وما أطهره مضجعا ومولدا ,واصلي واسلم عليه وعلى اله وصحبه غيوث النَّدى, وليوث العدى, صلاة وسلاما دائمين من اليوم إلى أن يبعث النَّاس غدا وبعد.
اخيتي الغالية انَّ عنوان الموضوع مبهم نوعاما لانَّ لفظ "بين يدي عدل" لا يفقهها إلا المتخصص في علم الحديث, هذا العلم الماتع الذي تكمن روعته ولذته في دقة قوانينه التي تميز بها والتي يعرف بها احوال المتن والسند. فقد قال السيوطي رحمه الله في ألفيته المباركة (علم الحديث ذو قوانين تحد****يدرى بها أحوال متن وسند
فذانك الموضوع والمقصود ... أن يعرف المقبول والمردود)
فاللهم ارحم وأحفظ علماءنا المحدّثين, وطلبة علم الحديث المتضلعين ,وانصرهم وارفع درجتهم في عليين-اللهم أمين- وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله "و اذا كانت سعادة الأولين والآخرين هي بإتباع المرسلين فمن المعلوم انَّ أحق الناس بذلك اعلمهم بآثار المرسلين واتبعهم لذلك. فالعالملون بأقوالهم وأفعالهم المتَّبعون لها هم أهل السعادة في كل زمان ومكان وهم الطائفة النَّاجية من أهل كل امَّة وهم أهل السنَّة والحديث من هذه الأمة ".الدرر
فالبنسبة للعاميّ ظاهر" بين يدي عدل" هو التعديل لا التجريح لكن من خلال القصة التي سأذكرها يتبين انَّها من أسوا مراتب التجريح والفضل في اكتشاف معناها يعود لله اولا و اخرا, الذي رزق الحافظ بن حجر العسقلاني رحمه الله نباهة و ذكاء ثاقبا.
فقد سمعت من الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله في شرح سنن الترمذي باب الطهارة لمَّا سئل عن رأيه في قراءة كتب الروايات والقصص والكتب الفكرية لطالب العلم فاجاب قائلا:
هذه تضييع وقت، الروايات والقصص لا سيما التي كتبت بأساليب المعاصرين تضيع الوقت، لكن أهل العلم مع قراءتهم لما ينفعهم في دينهم ودنياهم من العلوم الشرعية، وما يعين على فهمها يقرؤون في كتب التاريخ، ويقرؤون في كتب الأدب، وكل هذا للاستجمام والاعتبار، وفيها فوائد تعين أيضاً على فهم العلم، ومن سمع الدروس المشروحة وجد أهل العلم يذكرون النكت والطرائف من كتب الأدب والتاريخ تشجع على قرأتها.
ذكرنا مراراً قصة الحافظ ابن حجر مع قول أبي حاتم: "بين يدي عدل" في الجرح في "جبارة بن المغلس" وقد كان الحافظ العراقي يظنها تعديل وينطقها "بين يديَّ عدل" فابن حجر توقف فيها وكونها تدل على التعديل مع تشديد أبي حاتم وتضعيف الراوي من قبل الأئمة , ابن حجر تحرى لما قال أبو حاتم الرازي في جبارة بن المغلس: "بين يدي عدل" والأئمة على تضعيفه وأبو حاتم متشدد، الحافظ ابن حجر أوجس خيفة من هذه الكلمة، فوجد قصة في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، يقول: كان طاهر- القائد المعروف في عصر الدولة العباسية- على مائدة مع أولاد الرشيد، كان للرشيد ولد صغير اسمه: إبراهيم, وهم على المائدة، أخذ إبراهيم هذا هندوبات، إما كوسة أو قرعة و إلا باذنجان و إلا شيء أخذها من الطعام فرمى بها عين طاهر، وكان طاهر أعور لا يبصر إلا بواحدة، فضرب السليمة، فشكاه إلى أبيه فقال: إن إبراهيم اعتدى على عيني السليمة، والأخرى بين يدي عدل، الحافظ ابن حجر مسك طرف الخيط الآن وذهب يبحث عن العدل هذا، ما معنى العدل؟ فوقف في أدب الكتاب لابن قتيبة أن العدل بن جزء بن سعد العشيرة كان على شرطة تبَّع، وكان معروف بالشدة والقسوة، فاذاأراد تبًّع أن يقتل أحدا سلمه إلى العدل هذا، فإذا هلك أحد قال الناس "بين يدي عدل" يعني هالك، وهو المناسب لحال الرجل وهو المناسب لتشدد أبي حاتم، فعرفنا هذا من أي شيء؟ يعني ما عرفناه إلا من خلال الأغاني أول الأمر ثم من أدب الكاتب لابن قتيبة، فهذه الكتب ما تسلم من فائدة، نعم فيها أشياء وفيها سقط كثير وفيها .. ، لكن يقرأ فيها طالب العلم على حذر ويستفيد منها، ووجدنا نسخ من الأغاني عليها أسماء شيوخنا المعروفين بالعلم والعمل أهل الزهد والورع الذين ما يظن أنهم يقتنون كتاب الأغاني، لكن لا يعني نشره بين الصغار بين الشباب الذين يتأثرون ببعض القصص؛ لأن الرجل ما يؤمّن على الأخبار، لكن الكتاب لا يخلو من فائدة.
وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم
ولا تنسوني ومن كانوا سببا في هدايتي بعد الله جل في علاه من صالح دعائكن والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[طويلبة علم حنبلية]ــــــــ[19 - 11 - 10, 11:19 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أمَّ إسحاق ..
أسأل الله أن يبارك بك وأن يزيدكِ علماً وفهماً وسداداً وتوفيقا ..
أفادني مقالُك هذا، نفعَ الله بك وجزاكِ خيرا ..
¥