تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: مُحال أن يدَّعي السَّلفيَّة مَن ليس بسلفي، ولِم يفعلُ ذلك؟

وكنتُ - كالمعتاد - ساذجةٌ جدًّا.

دخلتُ غرفةَ بثٍّ مباشِر.

كان الدَّرس لشيْخٍ شهير، ينقله بعضهم بثًّا مباشرًا من المسجد.

كان الجوُّ رائعًا.

بعضُهم يكتب فوائد، بعضهم يفرغ المحاضرة بسرعةٍ خلْفَ الشَّيخ، ثُمَّ يكتُبُها على العام، بعضُهم يلخِّص الكلام في نقاط.

كنت جديدةً في هذا المَجال، ولم أتعلَّم إغلاقَ الخاصِّ.

وكانتْ عيناي تُتابعان ما يُكتَب بشغفٍ، كل هذا الكم من المعلومات!

كم أنا ضئيلة في العِلم!

فجأة، ظهرتْ لي نافذةٌ صغيرة.

السَّلام عليْكم.

كتبتُ بتلقائيَّة: وعليْكم السَّلام.

أنا سلفي، هل أنتِ سلفيَّة؟

تعجَّبتُ في نفسي، سلفي ويُحادثُ النِّساء!

كتبتُ: غير جائزٍ مُحادثة الرِّجال والنِّساء - ولو على النت - بِهذه الصورة.

ابتسامة ساخرة - ولِماذا هذا التشدُّد؟ سنتعاون في العلم.

جعلتُ أبْحثُ عن طريقةٍ لإغْلاق النافذة، استغرق منِّي هذا ثلاثَ دقائقَ ثَمينة.

كان الأخ، قد كتبَ خلالَهم كلَّ ما يُفيدُ جوازَ مُحادثةِ الرِّجال والنِّساء للضّرورة.

ولستُ أدري أين كانتْ هذه الضرورة العصْماء في مثل تلك المحادثات؟!

القصة الثامنة

عندما تدخُل على موضوع لمشرفٍ مشهور في منتدى، وتكتُب اعتراضًا على كلمةٍ، أو حُكْمٍ ما، أوْ أسلوبٍ بذيء، أو استهزاءٍ وسُخريَّة، أو أي شيْءٍ يَجب شرْعًا الاعتِراضُ عليْه من وجهه نظرك.

يَمتنع الأخ المشرِف من مُحاورتِك، ولا يتنزَّل لمستواك الدَّنيء، ولا يناقِشُك - أعني يجادلك - لأنَّ تارك الجدل في الجنَّة.

ثُمَّ يدخُل عضوٌ جديدٌ - ليس له إلا ثلاث أو أربع مُشاركات في المنتدى - فيؤيِّد وجهةَ نظَر المشْرِف، ويسفِّه كلامَك واعتراضَك، ويعتبر أنَّ البذاءةَ والسخرية في محلِّها تَمامًا، وأنَّه يصحُّ أن تصدُر من مثْل هؤلاءِ الجبال، الذين يدافعون عن الشَّريعة - يعني المشرف.

وعندما تبحثُ عن هذه المشاركات الثَّلاث تَجِدها كلها تعقيباتِ تأْييد لنفْسِ المشْرِف.

تظلُّ تتساءَل في حيرة: أهُما نفْسُ الشَّخص أم أنَّك سيئُ الظَّنِّ؟

القصة التاسعة

عندما تقومُ بعمل عدَّة مواضيع تَحمِل نفْس الاسْم مرقَّمة.

أو تكتُب مُشاركة بطريقة معيَّنة.

أو تنقل موضوعًا ما، من مكانٍ ما، أو عن شيْخٍ ما.

تَجد اعتراضًا من المشرفين.

ويتمُّ حذْف موضوعِك، باعْتِبار أنَّ من حقِّ المشْرِف حذْف ما يَشاء دون استِئْذانِك.

ثمَّ تَجد أنَّ هُناك مُشرفًا في نفْس المنتدى يفْعل نفْس الشيء، فلا يُنكِر عليْه أحد.

وتظلُّ تتساءل: لماذا أنا؟ وليس هو؟

وتشعر أنَّ الكيْل بِمكياليْن.

وأنَّ حقوقَك ليْست كحُقوقِ المُشْرفين.

عندما تكتُب موضوعًا فيعترض الأعضاء.

ويكتب المشرفُ نفس الموضوع فيهلِّل نفس الأعضاء.

فيطرح هاهُنا سؤالٌ هام: يا تُرى، ما هيَ حقوقُ المشرِف وحقوقي كعضو؟

وما هِي واجباتُ المشرِف وواجباتي كعضو؟

القصة العاشرة

دائمًا أُتابِع عددَ المُشاهدات للصفحة.

فلفت نظري أنَّ كلَّ موضوعٍ فيه شجارٌ أو مناظرةٌ أو ما شابَهَهُما.

يرتفِع فيه عددُ المُشاهدات إلى درجة عاليةٍ جدًّا.

وكلُّ موضوعٍ فيه ورشُ عملٍ، أو بَحث جماعي، أو حملة على النت للدَّعوة، تقلُّ فيه المشاهدات،

والمُشارَكات.

وبالنِّسبة لِهذه الصَّفحات تَجِد الاعتِذارات.

دائمًا النَّاس مشغولة، لا يَستطيعون الالتِزام بوقْت للعمل.

وهكذا تكتشِف فجأةً أنَّ كلَّ هؤلاء المتواجدين دائمًا قدِ اختفَوْا فجأة.

وأنَّ وراءهم مشاغلَ ومسؤوليَّات جسيمةً جدًّا.

ومنهم من يعِدُ ويُخلف، باعتِبار أنَّه لا أحد يعرِف مَن أنت، ولا أحد سيحاسبُك.

ومن حقِّك في أيِّ لحظة أن تَختفي وتظهَر باسم آخَر، ومعرف آخر، ووجْهٍ جديد

القصة الحادية عشرة

ها هو ذا، جالسٌ أمام الجهاز، يؤذِّن الأذانُ تِلْوَ الأذان، وهو يصلِّي تلك الصلاةَ قبل الأذان التالي!

الجماعة والمسجد؟

لا وقت لِهذا، فهُناك أولويَّات، وليس هناك أهمُّ من المناظَرات.

مناظرات - مناقشات - مُماراة بدون فائدة، بل أحيانًا نقاش مفتَعَل افتِعالا!

هو ذا جالسٌ متربِّص يقرأُ هذا، ويرد على هذا، ويقهْقِه منتصِرًا لعَجْز هذا عن الرَّدِّ عليْه.

يقيم ويُشرف، ويَحذف ويقرأُ بنصف عين.

ويكتب، ويكتب، ويكتب.

يكتُب أنَّه بكى لمَّا قرأ هذا، وعيناهُ أجفُّ من قطعةِ قماشٍ منشورة في حرارةِ شَمس الظهيرة، في صيفِ الصَّحراء!

يكتب أنَّه تأثَّر بِهذا، وقلبه أقسى من حجرٍ أصمَّ، قاموا بصبِّ طنٍّ من الفولاذ فيها وعليْها.

هو يُمثِّل أكثرَ من شخصيَّة بالمنتديات، أسْماء وأساليب مختلفة، حتَّى يبدو أنَّه نسي مَن هو وكيْف سيتصرَّف في الواقع؟

يَجري طوالَ النَّهار شاردَ الذِّهن حتى يَجلس أمام مدينتِه الحقيقيَّة.

حياته في الواقع كالسَّمكة في الصَّحراء لا يتنفَّس فيها.

صارت هذه حياته، حياة آلية، إلكترونيَّة، يتنفَّس بالمنتديات، يأكل منها، يضحك لها ويبكي عليْها.

ترى أهذا هُروبٌ من الواقِع الأليم؟ أم هروبٌ من المسؤولية؟ أم ... ؟

ولا حول ولا قوَّة إلا بالله.

المصدر:

http://www.saaid.net/daeyat/sara/23.htm (http://www.saaid.net/daeyat/sara/23.htm)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير