تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[اختاه ........ تذكري]

ـ[حفيدة أم المؤمنين]ــــــــ[21 - 11 - 10, 05:37 م]ـ

-بسم الله الرحمن الرحيم-

~أختاه .. تذكّري~

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن و الاه .. أما بعد:

أختاه: أبث إليك بين قضبان حروفي ذكرى .. وأنسخ من ظلال القرآن ومعين السنة وعظا تكسبين به الأجر .. فاسمعي يا أختاه ..

فما الحياة الدنيا بباقية .. وما الأحوال فيها ستبقى كما هي، فكلها بما فيها وما عليها إلي زوال ويبقى الله وحده ذو الجلال!

تذكري أنك في رحلة منعطفها الموت، ومحطتها القبر، ومستقرها الجنة أو النار!

فانظري ماذا تركبين؟!

هل تركبين مركب الطاعة والامتثال فيسوقك إلي خير مآل.

(في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر)

[القمر:54،55]

أم تركبين مركب المعصية والغواية، فيسوقك إلي أسوا نهاية ..

(في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم)

[الواقعة:42 - 44]

فانظري أخية! ماذا ستركبين!

فالرحلة قصيرة .. ومراكبها أمامك جلية جلاء الشمس في كبد السماء الصافية!

أختاه .. كم ستعيشين في هذه الدنيا؟ ستين سنة .. ثمانين سنة .. مائة سنة .. ألف سنة .. ثم ماذا؟! ثم موت .. ثم بعث إلي جنات النعيم أو في نار الجحيم!

تيقني حق اليقين أن ملك الموت كما تعداك إلي غيرك فهو في الطريق إليك! وأعلمي أن الحياة مهما أمتدت وطالت فإن مصيرها إلي الزوال وما هي إلا أعوام أو أيام أو لحظات فتصبحين وحيدة فريدة لا حبيبات ولا أموال ولا صاحبات.

تخيلي نفسك وقد نزل بك الموت، وجاء الملك فجذب روحك من قدميك!

تذكري ظلمة القبر ووحدته، وضيقه ووحشته، وهول مطلعه، وسوء مصرعه! آه له من بيت جمع الأضداد والمتفرقات .. فإما نعيم وإما حميم! لا فرق أن يدخله لئيم أو كريم، أو رفيع أو رضيع، أو داعية أو أبله، أو ملك أو مملوك، أو معسر أو موسر!

تذكري هيئة الملكين، وهما يقعدانك ويسألانك .. تذكري كيف يكون جسمك بعد الموت؟ تقطعت أوصالك، وتفتت عظامك وبلى جسدك وأصبحت قوتاً للديدان!

ثم ينفخ في الصور .. إنها صيحة العرض علي الله، فتسمعين الصوت، فيطير فؤادك، ويشيب رأسك، فتخرجين مغبرة حافية عارية، قد رجت الأرض، وبست الجبال، وشخصت الأبصار لتلك الأهوال، وطارت الصحائف، وقلق الخائف. فكم من عجوز تقول واشيبتاه! وكم من كبيرة تنادي واخيبتاه! وكم من شابة تصيح واشباباه.

برزت النار فأحرقت، وزفرت النار غضبا فمزقت، وتقطعت الأفئدة وتفرقت .. والأحداق قد سالت .. والأعناق قد مالت، والألوان قد حالت، والمحن قد توالت ..

تذكري مذلتك في ذلك اليوم، وانفرادك بخوفك وأحزانك، وهمومك وغمومك وذنوبك، وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا! قد ملئت القلوب رعبا .. وذهلت المرضعة عما أرضعت واسقطت الحامل حملها .. وتتبرئين حينها من بنيك، وأمك وأبيك وزوجك وأخيك ..

تذكري تلك المواقف والأهوال .. يوم ينسى المرء كل عزيز وحبيب .. تذكري يوم توضع الموازين، وتتطاير الصحف كم في كتابك من زلل، وكم في عملك من خلل!

تذكري يوم يقال لك: هيا اعبري الصراط!

تذكري يوم يقررك الله بذنوبك ليس بينك وبينه ترجمان! ماذا تجيبين، أم كيف ستعتذرين!

أخية: حاسبي نفسك قبل أن تحاسبي! وعدي ذنوبك قبل أن تكون عليك يوم الحشر حسرات

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد)

[الحشر:18]

كان توبة بن الصمة من المحاسبين لأنفسهم، فحسب يوما، فإذا هو أبن ستين سنة، فحسب أيامها فإذا هي أحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم، فصرخ وقال: يا ويلتي! ألقى ربي بأحد وعشرين ألف ذنب؟ كيف وفي كل يوم آلاف من الذنوب؟!!

واحذري أختاه: من معصية الله، فإنها نكد في العيش، وقلق في النفس، ومنقصة للرزق وما حقه للعمر، وتعاسة في المعيشة وضنك في القلب.

مساكين أهل الذنوب أطاعوا الشيطان، وعصوا الرحمن .. وحلت كروبهم وعظمت خطوبهم، وكبرت عيوبهم، وأحصيت عليهم في الكتاب ذنوبهم .. مساكين أهل الذنوب عصوا الجبار بالليل والنهار، وبذلوا مهجهم لعذاب بالنار، وسودوا صحفهم بالخطايا والأوزار ..

مساكين أهل الذنوب غفلوا عن الطاعة، وخسروا أنفسهم قبل قيام الساعة! أختي المسلمة: فاجعلي من لحظات عيشك طاعات، واعتقي نفسك من مغبة الحسرات

(يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون)

[النحل:111]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير