ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رءوسهن أمثال أسنمة البخت المائلة , لا يرين الجنة ولا يجدن ريحها , ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس)
ومن لبست مثل هذه الأزياء فإنه يصدق عليها وصف النبي صلى الله عليه وسلم لها بأنها (كاسية عارية)، ويترتب عليها الوعيد العظيم الوارد في الحديث.
ودخولها في هذا الحديث يكون على أحد وجهين:
الوجه الأول: أن تكون (كاسيات عاريات) صفة عامة، تشمل من اتصفت بها مطلقا سواءا من خرجت أمام الرجال على هذه الهيئة، أو كان هذا لبسها أمام النساء، لأن الوصف يصدق عليها في كلا الحالين، وإن كان ذنب من خرجت (كاسية عارية) أمام الرجال أعظم وأغلظ، إلا أن التي تكون كذلك أمام النساء يلحقها قسط من الذم والوعيد بحسب ما اتصفت به، وتخصيص الحديث على صورة واحدة لايصح لعدم وجود الدليل على التخصيص،ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه (رؤسهن أمثال أسنمة البخت المائلة) وهذه الصفة ليست خاصة بكونها أمام الرجال
الوجه الثاني: أن يلحقها الوعيد من جهة التشبه بـ (النساء الكاسيات العاريات)، ففي الحديث الصحيح (من تشبه بقوم فهو منهم).
فعلى أي الوجهين فإن الوعيد عظيم، مما يدل على عظم هذا الذنب، نسأل الله العافية والثبات
الدليل الثالث
أن هذه الألبسة والأزياء كلها –أو أكثرها- قد أتت من الكافرين، وهي من أزيائهم وألبستهم، فلبسها تشبه بالكفار، والتشبه بالكفار محرم ومنهي عنه عموما، وخاصة التشبه بهم في اللباس:
ففي الصحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له – وقد رأى عليه ثياب كفار- (إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها).
وفي الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أرسل إلى المسلمين في خراسان (إياكم والتنعم وزي أهل الشرك).
وروى الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (من تشبه بقوم فهو منهم).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - عن هذا الحديث-: (وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله (ومن يتولهم منكم فإنه منهم)) انتهى.
والتشبه بالكفار لا يلزم من فعله أن يكون قَصْدُ المتشبهِ أن يتشبه بهم، ولكن مجرد الوقوع فيه كاف في إلحاق الوعيد ما دام عالما بأن هذا من فعل الكافرين.
قال شيخ الإسلام أيضا:
(والتشبه يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه وهو نادر ومن تبع غيره في فعل لغرض له في ذلك إذا كان أصل الفعل مأخوذا عن ذلك الغير) انتهى.
والوقوع في التشبه بالكفار كما أنه محرم لذاته، فإنه مؤد أيضا إلى مفسدة أخرى وهي المحبة والموالاة الباطنة لمن تشبه بهم في الظاهر كما قال شيخ الإسلام:
(أن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة) انتهى.
وهذا هو الواقع، فإن النساء اللائي يحرصن على هذه الأزياء تجدهن مفتونات بالكافرات في الغالب، والله المستعان.
الدليل الرابع:
أن كثيرا من هذه الأزياء فيها تشبه بالرجال، وقد ورد الوعيد الشديد على من تشبه من النساء بالرجال:
فقد روى البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث ابن عباس قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء).
وروى أحمد وأبو داود عن أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الرجل يلبس لبس المرأة , والمرأة تلبس لبس الرجل).
وروى أبو داود عن عائشة أنها قالت: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلة من النساء).
وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه رأى امرأة متقلدة قوسا وهي تمشي مشية الرجل فقال: من هذه؟ فقيل: هذه أم سعيد بنت أبي جهل فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ليس منا من تشبه بالرجال من النساء)
وهذه الأحاديث وغيرها تدل على أن هذا الأمر من الكبائر لأن اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله ولا يكون إلا على أمر عظيم.
¥