[نقد كتاب "هرمجدون .... " بقلم حاتم الشريف]
ـ[محمد الأمين فضيل]ــــــــ[01 - 10 - 02, 10:30 ص]ـ
هرمجدون والمزايدة على الخرافات
الشريف حاتم العوني
أثار في الآونة الأخيرة كتاب: (هرمجدون آخر بيان يا أمة الإسلام) لمؤلفه أمين محمد جمال الدين، اهتماماً واسعاً لدى الجماهير المسلمة بسبب ما تضمنه من آثار تحدثت عن ظهور المهدي قبل حلول العام 1430هـ، والكتاب المذكور كتاب فيه حق قليل وباطل كثير، فضاع حقه في باطله، وشوهه المؤلف بتفسيراته وتأويلاته البعيدة.
فنحن إذ نقرر صحة بعض ما أورده الكاتب من علامات الساعة وأخبار الملاحم، من خلال الأحاديث الثابتة في ذلك، إلا أن القسم الأكبر من تفاصيل ذلك مما أورده الكاتب باطل مكذوب، وقد استغل الكاتب تلك التفاصيل المكذوبة ليُنزلها على الواقع، وليفسر بها إجمال الأحاديث الصحيحة وهذا منهج خطأ؛ لأنه يوهم أن تلك الأحاديث لا تعني إلا ذلك المعنى الذي أخذه من الأحاديث المكذوبة، وأنها تمثل الحديث عن واقعنا المعاصر فعلاً.
ومن أشنع ما اعتمد عليه الكاتب ذلك الكلام السمج الذي نسبه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – نقلاً عن كتابٍ لمؤلف أفاكٍ أثيم، ادعى أنه اطلع على مخطوط في تركيا، يتضمن الحديث عن المهدي.
ولا يشك كل من شم رائحة العلم، أن هذا الكتاب المدَّعى كذب وإفك، جازى الله واضعه أسوأ الجزاء، وجلله بالفضيحة والخزي في الدنيا والآخرة.
إن أدلة وضع تلك النقول على رسولنا – صلى الله عليه وسلم – أكثر من أن تحصى: منها انفراد ذلك الكاتب المجهول بها، وانفراد ذلك المخطوط المزعوم بها، وانفراد مؤلفه المجهول بها مع كثرة ما كتبه أئمة الإسلام في جميع عصوره عن المهدي وعلامات الساعة وجمعهم ما صح في ذلك وما ضعف وما بطل، وليس فيها تلك النقول، ثم أين إسناد ذلك المؤلف المزعوم أنه من علماء القرن الثالث؟ حتى ننظر في إسناد خبره ذاك، وهذه هي فضيلة الإسناد! إذ (لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء)، كما كان يقول عبد الله بن المبارك وغيره من أئمة الإسلام، ثم من يخفى عليه ما تضمنته تلك النقول من الركاكة والسماجة في الألفاظ والأسلوب، التي هي أبعد ما تكون عن بيان وجلالة الأحاديث النبوية، فمن أمثلة سماجة هذه النقول النص التالي، وهو في كتاب هرمجدون (ص: 22): "وفي عراق الشام متجبر ... و ... وسفياني، في إحدى عينيه كسل قليل، واسمه من الصدام، وهو صدام لمن عارضه، الدنيا جمعت له في (كوت) صغير، دخلها وهو مدهون، ولا خير في السفياني إلا بالإسلام، وهو خير وشر، والويل لخائن المهدي الأمين".
إلى غير ذلك من النقول (كما في ص: 39 – 40)، مما لا يخفى كذبه على عاقل، فضلاً عن عالم!!
إن اعتماد مؤلف كتاب (هرمجدون) على مثل هذه النقول، يدل على أحد أمرين: إما على جهل بالغ بالسنة، لا يجوز معه أن يتفوه فيها إلا بما صححه الأئمة المعتبرون، أو أنه ضم مع الجهل السابق غرضاً دنيوياً فاسداً، أراد من ورائه الشهرة والمال، أو إفساد دين الأمة وتصوراتها.
المقصود أن المؤلف جاهل - ولا شك - بالسنة، وواضح كل الوضوح أنه ليس من أهل التخصص فيها، لا من قريب ولا من بعيد، ومثله لا يجوز أن يقرأ له في العلم الذي يجهله، ولا أن نسمح له أن يكتب فيه، وأولى بالحكومة الإسلامية أن تقوم بتأديبه وردعه، حتى لا يعود إلى مثل هذا التجرؤ على دين الأمة وإلى مثل هذا التلاعب بعقول المسلمين الجهلة بعلوم دينهم، وسنة نبيهم – صلى الله عليه وسلم -.
والكتاب مشحون بالأباطيل والمناكير، مما نقله عن كتاب (الفتن) لنعيم بن حماد، وإن كان نعيم بن حماد عالماً صادقاً، لكن كتابه هذا أكثره باطل أو من الإسرائيليات وعذر نعيم بن حماد في ذكره لها: أنه كان يذكرها بأسانيدها، ليُحيل قارئ كتابه (من أهل العلم) إلى تلك الأسانيد، ليميز صحيحها من ضعيفها، وهذا العذر غير مبسوط لمؤلف كتاب (هرمجدون)؛ لأنه حذف الأسانيد، بل تجاوز ذلك إلى إيهام القراء بصحة ما ينقله من كتاب (الفتن)، بثنائه على نعيم بن حماد بأنه شيخ البخاري؛ وكأن ذلك وحده كافياً لقبول كل ما أورده في كتابه دون النظر في إسناد!!! بل لقد تجاوز المؤلف ذلك كله إلى اعتماد نصوص كتاب (الفتن) لنعيم بن حماد، وكأنها نصوص في القرآن أو صحيح السنة.
¥