- تبين لنا أن البخاري ومسلماً قد يخرِّجان عن بعض الرواة المختلف فيهم والمتكلّم في ضبطهم؛ لاعتباراتٍ سوَّغت ذلك لديهما، فلا يجوز أن يأتي باحثٌ ويقول: إن هذا الراوي المتكلم فيه من رجال البخاري مطلقاً، نعم هو من رجال صحيح البخاري، ولكنه إنما يُعتد بروايته على نحو ما اعتبر بها البخاري، وليس مطلقاً، وكذلك مسلم.
- فمن علّق له البخاري بصيغة الجزم، أو بغير صيغة الجزم؛ فهو معتبرُ الحديث، على وفق غرض البخاري من هذا التعليق.
- ومن خرّج البخاريُّ روايته اعتباراً أو شاهداً، ولم يخرّج له في أي موضع من صحيحه احتجاجاً؛ فهو ممن يُعتبر بحديثه ويُستشهد به عند البخاري، وليس ممّن يُحتج بسائر حديثه خارج الصحيحين بحجة أنّه من رواة البخاري!
- وقد تبيّن لنا أن أقوال عددٍ من كبار الحفّاظ: (احتّج به البخاري) غيرُ دقيقة، والصواب أن البخاري قد اعتبر به،ولم يحتج، وقد أكثر الحاكم والمزي من هذا الاطلاق الخاطىء.
- فمن خرّج له البخاري في كتاب من كتب " جامعه " وفي باب من أبوابه على هيئة ٍ محدودة فهذا التخريج على هذه الهيئة، هو شرط البخاري مع هذا الرجل وأمثاله، لا مطلقاً.
- الخامسة: إن الكتب والدراسات المصنّفة في أشراط الساعة: في الفتن والملاحم، والمسيح ابن مريم عليه السلام، والمهدي المنتظر، ويأجوج ومأجوج والدّجال؛ كلها تحتاج إلى قراءةٍ نقدية، مثل قراءتنا أحاديث المهدي وحديث المجددين في هذا الكتاب الماثل بين يديك؛لأن المزبور فيها خليطٌ غير متجانس من الصحيح والضعيف والواهي، ومن المتقاطع المتدابر الدلالة أحياناً.
- السادسة: لقد كانت الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر كثيرة جداً بيد أن ما صححه العلماء المتقدمون و المتأخرون منها؛ كان أقل من 20 حديثاً ما بين مصرحِ فيه بذكر (المهدي) وغير مصرّح فيه.
أمّا الأحاديث المرفوعة التي ذُكر فيها المهدي صراحة ً فكانت عشرة أحاديث فقط؛ لم يبلغ درجة الاحتجاج منها أيُّ حديثٍ عندي!
وأمّا الأحاديث المرفوعة غير المصرحة بالمهدي، والتي حملها بعض العلماء على الأحاديث المصرحّة، حملاً أصولياً، وصححوا المصرحّ به بغير المصرحّ به، فقد بيّنتُ أنّ هذا حملٌ باطل؛ لأن المحمول عليه لم يصحّ فكيف نصرف غير المصرّح به إليه؟ وسواءٌ كثُر هذا المبهم أم قلّ فتبقى دلالته في إطار ما توحي به عباراته فحسب.
- السابعة: الآثار الموقوفة على الصحابة مما فيه تصريح بذكر المهدي المنتظر، لم يصحّ منها شيء أيضاً، وشأن المبهمات منها شأن المرفوع.
- الثامنة: إنّ مقولة: (ما ورد في المهدي صريحاً فغير صحيح، وما صح ممّا ورد فغير صريح)؛ مقولةٌ صحيحة حسب معطيات دراستنا النقدية هذه.
- التاسعة: إن الأخبار والروايات الواردة في ولادة المهدي المنتظر محمد بن الحسن العسكري (عج!) عند الشيعة الإمامية بلغت ثلاثاً وخمسين رواية، لم تصح منها روايةٌ واحدة.
ومع هذا فقد ذكرتُ فيما سبق عشرات المصنفات الإمامية التي تجعل ولادة المهدي وغيبته وظهوره من العقائد التي يتوجب على كل مسلم أن يصدق بها، ويتخذها ديناً يؤمن به ويدافع عنه، ويرجو رحمة الله وواسع مغفرته من وراء هذا الإيمان!
وليت هذا كان فحسب؛ بل إنه يُكَفّر من لا يعتقد تلك العقيدة، ويُعدُّ خارج دائرة أهل الإسلام؛ لأن الاعتقاد بولادة المهدي وظهوره من ضروريات المذهب –
العاشرة: لِعدم صحة أيّ رواية في ولادة المهدي المزعوم محمد بن حسن العسكري؛ يسعنا القولُ بيقين: إن كل أبواب المهدي المزعوم، وسفرائه، ومراسلاته أتباعه؛ كذب ٌ فاضح كانت وراءه أيدٍ خبيثة ٌ تخطط في الظلام لتمزيق هذه الأمة وإضلالها، أو كانت العملية لعبة سياسية؛ لصرف الشيعة المتحمّسين الثائرين عن ثوراتهم، وتحركاتهم ضدّ الحكام؛ تحت دعوى حرمة الخروج على الحاكم حتى ظهور المهدي المنتظر؟!.
- الحادية عشرة: الآيات والعلامات الكونية والبشرية التي زعموا أنها تصاحب ظهور المهدي، أو تسبقه أو تكون بعده؛ كلها باطلة، لم تصّح منها أي رواية.
- الثانية عشرة: الروايات التي تنص على اسم المهدي، واسم أبيه، و أنه من ولد فاطمة، حسني أو حسيني؛ كلها منكرة أو واهية أو ضعيفة، ولم تصح منها أيّ شيء.
¥