أتت إلينا بذا الأنباء والكتبفكيف من كان ذا علم له حسبفما سوى العلم فهو اللهو واللعب (1) والعلم زين وتشريف لصاحبهوالعلم يرفع أقواماً بلاحسبفاطلب بعلمك وجه الله محتسباً
وقال بعض المحدثين:
نعم القرين إذا ماعاقلاً صحباعما قليل فيلقى الذل والحربافلا يحاذر فوتا لا ولا هربالا تعدلن به ذُرّاً ولا ذهبا (1) العلم زين وكنز لانفاد لهقد يجمع المرء مالاً ثم يسلبهوجامع العلم مغبوطٌ به أبداياجامع العلم نعم الذخر تجمعه
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:" أفضل مااكتسبته النفوس وحصلته القلوب ونال به العبد الرفعة في الدنيا والآخرة هو العلم والإيمان، ولهذا قرن بينهما سبحانه في قوله: {وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث} (الروم ـ 56).
وقوله: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} (المجادلة ـ 11).
وهؤلاء خلاصة الوجود ولُبّه والمؤهلون للمراتب العالية.
ولكن أكثر الناس غالطون في حقيقة مسمى العلم والإيمان اللذين بهما السعادة والرفعة وفي حقيقتهما، حتى أن كل طائفة تظن أن مامعها من العلم والإيمان هوهذا الذي تنال به السعادة وليس كذلك بل أكثرهم ليس معهم إيمان ينجي ولا علم يرفع، بل قد سدوا على نفوسهم طرق العلم والإيمان اللذين جاء بهما الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا إليهما الأمة وكان عليهما هو وأصحابه من بعده وتابعوهم على مناهجهم وآثارهم " (1)
مايبدأ به في الطلب:
قال الحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى:" ينبغي للطالب أن يبدأ بحفظ كتاب الله عز وجل، إذ كان أجل العلوم وأولاها بالسبق والتقديم ... فإذا رزقه الله تعالى حفظ كتابه فليحذر أن يشتغل عنه بالحديث، أوغيره من العلوم اشتغالاً يؤدي إلى نسيانه ... ثم الذي يتلو القرآن من العلوم، أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسننه، فيجب على الناس طلبها إذ كانت أسّ الشريعة،وقاعدتها، قال الله تعالى: {وماآتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} (الحشر ـ 7) , وقال تعالى: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} (النساء ـ 80) وقال: {وماينطق عن الهوى} (النجم ـ 3) " (1).
وقال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: " فأول العلم حفظ كتاب الله جل وعز وتفههمه، وكل مايعين على فهمه فواجب طلبه معه .. " (1)
وقال:" القرآن أصل العلم، فمن حفظه قبل بلوغه، ثم فرغ إلى مايستعين به على فهمه من لسان العرب كان ذلك له عوناً كبيراً على مراده منه، ومن سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ينظر في ناسخ القرآن ومنسوخه وأحكامه، ويقف على اختلاف العلماء واتفاقهم في ذلك، وهو أمر قريب على من قربه الله عز وجل عليه، ثم ينظر في السنن المأثورة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبها يصل الطالب إلى مراد الله عز وجل في كتابه، وهي تفتح له أحكام القرآن فتحاً " (1)
وقال:" واعلم ـ رحمك الله ـ أن طلب العلم في زماننا هذا وفي بلدنا، قد حاد أهله عن طريق سلفهم،وسلكوا في ذلك مالم يعرفه أئمتهم، وابتدعوا في ذلك مابان به جهلهم، وتقصيرهم عن مراتب العلماء قبلهم، فطائفة منهم تروي الحديث وتسمعه، قد رضيت بالدؤوب في جمع مالا تفهم، وقنعت بالجهل في حمل مالا تعلم،فجمعوا الغث والسمين، والصحيح والسقيم، والحق والكذب، في كتاب واحد، وربما في ورقة واحد، ويدينون بالشيء وضده، ولا يعرفون مافي ذلك عليهم، قد شغلوا أنفسهم بالاستكثار، عن التدبر والاعتبار، فألسنتهم تروي العلم، وقلوبهم قد خلت من الفهم، غاية أحدهم معرفة الكنية الغريبة، والاسم الغريب والحديث المنكر، وتجده قد جهل مالا يكاد يسع أحداً جهله من علم صلاته، وحجّه، وصيامه، وزكاته.
¥