جـ ـ وكان من ن ام قبل أن يفطر حرام عليه الأكل إلى الغد.
ثم استقر الأمر على وجوب الصيام من طلوع الفجر إلى غروب الشمس (1).
8 ـ التدرج في قراءة القرآن:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " اقرأ القرآن في شهر، قلت: إني أجد قوة ... حتى قال: فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك " (1).
9 ـ التدرج في أدب المرأة الناشز:
قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} (النساء ـ 34).
ومن الأمثلة على التدرج في النواهي:
1 ـ التدرج في تحريم الخمر:
أ ـ قال تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قُل فيهما إثمٌ كبيرٌ ومنافع للناس وإثمُهما أكبر من نفعهما} (البقرة ـ 219).
ب ـ ثم قال تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ماتقولون} (النساء ـ 43).
جـ ـ ثم قال تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلامُ رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} (المائدة ـ 90).
أقسام التدرج:
التدرج ينقسم إلى قسمين:
1 ـ تدرج بين العلوم المختلفة.
مثل أن يبدأ الطالب بعلم التوحيد، فإذا أتقنه، انتقل إلى علم التفسير، ثم علم الحديث،وهكذا، كما هي طريقة المغاربة.
2 ـ تدرج في العلم الواحد.
مثل أن يبدأ الطالب في علم الحديث بمتن الأربعين النووية، ثم عمدة الاحكام، ثم بلوغ المرام ثم منتقى الأخبار، وهكذا في بقية العلوم.
فوائد التدرج:
للتدرج فوائد كثيرة منها:ـ
1 ـ سهولة العلوم على طالبها إذا سار على هذه الطريقة.
2 ـ الضبط والإتقان للعلم المأخوذ بالتدرج.
3 ـ إن هذه الطريقة تميز بين الطالب المجد من غيره، وتظهر بواسطتها الفروق الفردية بين الطلبة وتفاوت قدراتهم في التحصيل.
شيء من كلام أهل العلم في التدرج.
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى في جامع بيان العلم وفضله: "عن يونس بن يزيد قال: قال لي ابن شهاب: يايونس لا تكابر العلم فإن العلم أودية، فأيها أخذت فيه قطع بك قبل أنتبلغه، ولكن خذه مع الأيام والليالي، ولا تأخذ العلم جملة؛ فإن من رام أخذه جملة ذهب عنه جملة، ولكن الشيء بعد الشيء مع الأيام والليالي" (1).
وقال:" وروينا عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال:العلم أكثر من أن يحاط به، فخذوا منه أحسنه" (1).
وقال:" فصل: قال الخليل بن أحمد: اجعل تعليمك دراسة لك،واجعل مناظرة العلم تنبيهاً بما ليس عندك،وأكثر من العلم لتعلم، وأقلل منه لتحفظ، وروى عنه أنه قال: أقلوا من الكتب لتتعلموا، وأكثروا منها لتُعلّموا " (1).
وقال:" قال صالح بن عبد القدوس:
تبلغ الفرع الذي رُمته إلا ببحثٍ منك عن أسّهِ
وقال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول: إذا ثبتت الأصول في القلوب نطقت الألسن بالفروع، والله يعلم أن قلبي لك شاكر، ولساني لك ذاكر، وهيهات أن يظهر الود المستقيم، من القلب السقيم" (1).
وقال:" طلب العلم درجات ومناقل ورتب لا ينبغي تعديها، ومن تعداها جملة فقد تعدى سبيل السلف رحمهم الله،ومن تعدى سبيلهم عامداً ضل، ومن تعداه مجتهداً زل. فأول العلم حفظ كتاب الله جل وعز وتفهمه، وكل ما يعين على فهمه فواجب طلبه معه،ولا أقول: إن حفظه كله فرض، ولكن أقول: إن ذلك واجب لازم على من أحب أن يكون عالماً ليس من باب الفرض " (1).
وقال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى:" وينبغي له أن يثبت في الأخذ ولا يكثر، بل يأخذ قليلاً قليلاً حسب مايحتمله حفظه ويقرب من فهمه، فإن الله تعالى يقول: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} (الفرقان ـ 32) (1).
¥