7) وعلى ذكر الافتراضات: ألا يمكن أن أقول: إن سبب ضعف رواية عبد الرحمن عن القطان أنه كان تُلصق له المرويات عن شيوخه (ولنقل: عن شيخه القطان على الأقل لعلو سنده نسبيا فيه)، ويحدث بها لغفلته وعدم درايته، وتُقرأ عليه وتمشي؟ وأنه كان يحدث من نسخ هذه حالها، أو أنها مُدخلة عليه، وأنه يوجد فيها ما كان من مرويات شيخه وما ليس منها، بدليل وجود مجموعة من الآثار في جزء الزهد لا توجد إلا فيه، ووجود آثار تُروى عن أبي حاتم بأسانيد مغايرة.
أليس هذا واردا؟ ولا مرجح لافتراضات سبب الضعف التي ذُكِرت عن هذا، لأن التضعيف لم يصل لنا مفصلا مفسرا، والاقتصار على أحسن المحامل هو خلاف المنهج العلمي، بل عكسه، لأن الأصل في الرواية الاحتياط، وليس التمشية! كيف مع وجود القرائن الأخرى؟
وفي النهاية أسأل الإخوة المثبتين: إذا وجدتم أثرا تفرد به الجزء، هل ستأخذونه محتجين به بلا تردد ومصححين، أم أنه سيكون كالذي يحيك في النفس؟
وأكرر مرة أخرى أن هذا البحث علمي متجرد، ينبغي أن يتناوله الباحث بعيدا عن اندفاع مسبق، كنحو الرغبة في الإغراب وإثبات الجزء لإمام كبير، أو عكسه، ورغم أن هذا المبحث لم يكن هدفي الأكبر في المقال إلا أنني سعدت بالنقاش العلمي فيه، وجزى الله الإخوة خيرا على مشاركاتهم وجهودهم.
وتفرعا عن مسألة الثبوت يُردُّ على أخينا الباحث أبي تيمية وفقه الله في تفريعه عن الثبوت قضية (أن هذا الجزء قطعة من كتاب الزهد)، وأن أبا نعيم يروي من القسم الآخر الذي ليس بأيدينا!
فحسب بحثي الذي أجزم فيه بضعف النسبة يمكنني القول مجددا: أثبت العرش ثم انقش، إذا ثبت الكتاب عندها نبدأ بالبحث: هل هذا هو جميعه أم بعضه، هذا أولا.
ثانيا: فإن ثبت، فقد تكلمت عدة فقرات عن مسألة تسمية المخطوط، فلا أعيد.
ثالثا: وبعد ذلك فالقول عن روايات من طريق أبي حاتم عند فلان وغيره أنها من هذا الجزء تحديدا، وأنها من الساقط منه يحتاج لدليل خاص، إذ يمكن أن يكون من مرويات القطان أو أبي حاتم من غير الجزء المزعوم، أو مثل ما نجده من ابن أبي الدنيا، حيث يروي الكثير عن شيخه أبي حاتم مما ليس في الجزء، وليس من التثبت أن أقول إن ابن أبي الدنيا وأبا نعيم رويا هذا الحديث من طريق المفقود من (كتاب الزهد) من (تأليف) أبي حاتم الرازي! وهذا جلي إن شاء الله.
ومع هذا فإنني أنبه القارئ أن أخانا أبا تيمية لم يجزم في مسألة النسبة، وأنه صرح بأن المسألة تحتاج لمزيد من التحرير، ولكنه أثار عدة نقاط تنحو للإثبات للمناقشة العلمية وحسب، والله يجزيه الخير على مقصوده، وقد أوضحت رأيي وأدلتي له ولغيره، وللباحث الخيار في قبوله ورده حسب اجتهاده ونظره.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[31 - 03 - 03, 09:52 م]ـ
اخي الحبيب
قلت
(وفارق هائل بين تراجم المتقدمين والمتأخرين، والعناية بتراثهم، وأضرب أمثلة بما نراه من ذكر العلماء لمصنفات ابن المديني، ومسلم، وابن حبان، وغيرهم من تلك الطبقات، فنجد عجائب من الإحاطة بتراثهم، مع القطع بأن كثيرا منه ضاع مبكرا جدا، ولكن نجد على الأقل الذِّكر والإشارة)
بالعكس لن تجد في تراجم المتقدمين سرد او فهرسة لكتبهم
وانما تبحث ذلك في الفهارس الحديثية وكتب الاجازات
ككتاب ابن خير وغيره
ولن تجد في تراجم المتقدمين سردا لاسماء كتبهم
وقد ضربت لك مثال
يوسف بن يعقوب القاضي
له عشرات الكتب
ولكنك لن تجد ذلك في ترجمته
ـ[أبو تيمية إبراهيم]ــــــــ[31 - 03 - 03, 11:46 م]ـ
أخي الشيخ أبا خالد الجزائري حفظكم الله و بارك فيكم
و جزاكم الله خيرا على هذه النفس الطيبة التي تناقشون بها المسائل العلمية، و هذا التوسع الجيد في طرح المسألة و مناقشتها .. و حقيقة أنا سعدت بإثارتكم للموضوع، لأني كنت منشغلا بهذا الأمر منذ أن طبع الكتاب، بل إنني لا أشك أن كل باحثٍ جادّ إلا و خالجه نفس الشعور بل بادر عمليا للبحث عن صحة نسبة هذا الكتاب ..
و على كلٍّ؛ فإن ما ذكرته قبل = إنما هي قرائن - أراها و الله أعلم فيها قوة - كما أن فيما ذكرته أيضا قوة .. و الأمر جار ..
وتعلم أخي أن القرينة ليست دليلا و نصا في حدِّ ذاتها، فلو تجردت وحدها لكانت كما لو لم تكن ..
¥