تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأخ الفاضل (ابن وهب)، رحم الله الإمام ابن وهب، وإياك ووالديك:

عفوا على تأخري في إجابتك، ولكني ظننتُ أنه سبق لي الرد على هذه النقطة، ثم لما راجعتُ الكلام رأيتُني لم أجبك، فأقول مستعينا بالله:

ما موقفي وموقفك لو وقع في يدنا كتاب لإمام (كيوسف القاضي مثلا)، ولم نجد له ذكرا في الفهارس والتراجم (مع عدم موافقتي لك في قولك: إننا لن نجد في تراجمهم ذكر مصنفاتهم، والنقول من تاريخ نيسابور مثلا تشهد لي)؟

أقول: إذا دلت القرائن على صحة النسبة إليه، ولم يكن هناك مانع وعارض علمي لقبوله (وهذان الشرطان متلازمان): أخذنا به وجادة، مع أنه في النفس ليس في الاحتجاج كالذي يذكره العلماء وينقلون منه بلا شك.

إلا أن الحال مختلف هنا.

فالكتاب لم يمنعنا من قبوله عدم ذكر العلماء المتقدمين والمتأخرين له فقط، ولا عدم وجوده في كتب التراجم المتقدمة فقط، بل لعدم ذكره مطلقا حتى في الكتب التي أشرتَ إليها، ككتاب ابن خير الذي ذكرتَه، على أني ذكرت ذلك في نقدي ضمن قولي في المقال: "لم يُذكر للإمام كتابٌ في هذا فيما فتشت، فلا ذكره ابنه في ترجمة أبيه المطولة من مقدمة الجرح والتعديل، ولا ذكره جميع من وقفتُ عليه ممن ترجم لأبي حاتم (رغم اهتمامي الخاص بترجمته)، وليس للكتاب ذكر في كتب الرواية، ولا في التقييد لابن نقطة وذيله للفاسي، ولا فهارس ومعاجم مرويات الحفاظ التي طالعتها، ولا ذكره شيخ الإسلام التقي ابن تيمية عند سرده لكتب الزهد عند المحدثين، ولا أصحاب الكتب الجامعة للكتب مثل الفهرست للنديم (وليس ابن النديم كما ذكر المحقق! ص16)، وكشف الظنون، وذيوله، وأبجد العلوم، والرسالة المستطرفة".

هذا ثالثا، أما أولا: فلضعف إسناد الكتاب ضعفا مطلقا، وثانيا: اجتماع مجموعة من القرائن القوية على بطلان النسبة، وبعضها ينهض لوحده لنقض الإثبات!

وهذا دليل جديد تنبهت إليه مؤخرا، مع أنه كان من (أركان) استدلال الأخ المحقق هداه الله ليثبت الكتاب:

ـ[أبو أحمد الجزائري الأثري]ــــــــ[10 - 04 - 03, 01:42 م]ـ

فمنذ أيام أعدت تسريحَ الطَّرف في الكتاب، تسليةً وطَردا للملل، واستنهاضا لهمة العمل، فرأيتُ ما وقع في الحزء من رواية أبي حاتم المزعومة، قال: حدثنا الحوضي، قال: حدثنا شعبة، عن عوف، عن رجل، عن وهب بن منبه، قال: "من خصال المنافق: يحب المدح [كذا في المطبوع، وفي المخطوط والمصادر التي عزا إليها: الحمد] ويكره الذم".

فعلق المحقق (ص50 رقم 30) – ولا حول ولا قوة إلا بالله – قائلا:

"رواه بمتابعة تامة [كذا] للمصنف [كذا] أبونعيم في (الحلية 4/ 41) [كذا وضع القوس الأول] فقال: حدثنا عبد الله بن جعفر، ثنا أبومسعود أحمد بن الفرات، ثنا أبوعمر الحوضي، به [كذا]. وسقط [كذا] ذكر الرجل بين عوف ووهب بن منبه، وكذلك سقط [كذا] ذكر الرجل في رواية أحمد عن أبي داود، حدثنا شعبة به. أخرجها [كذا، ولعله يريد: أخرجه] أحمد في (الزهد 2194) [كذا القوس الأول أيضا] .. ".

قلت: وكما أسلفت في نقدي أنني لم أتتبع إلا اليسير من تعليقاته وتخريجاته، إذ رأيت الوقت أثمن من إضاعته فيها، ولكن عندنا ههنا أمر مهم، فالمحقق يعتبر مثل هذه الرواية من أدلة صحة النسبة إلى أبي حاتم الرازي، فماذا يلاحظ القارئ ههنا؟

الرواية المنسوبة لأبي حاتم تجعله يروي عن الحوضي عن شعبة عن عوف عن رجل عن وهب بن منبه.

بينما يخالفه أحمد بن الفرات - وهو من الحفاظ - فيرويه عن الحوضي به، بدون ذكر الرجل.

وقد توبع الحوضي على عدم ذكره للرجل بينهما، وذلك فيما رواه أحمد في الزهد عن أبي داود (كما ذكر المحقق)، وفيما رواه ابن أبي شيبة ويعقوب بن سفيان عن عفان (كما لم يذكره المحقق!)، كلاهما عن شعبة عن عوف، عن وهب، دون ذكر الرجل.

فتبين أن ذكر الرجل خطأ، وإذا أثبتنا النسبة لأبي حاتم فيكون الخطأ والمخالفة منه! ولا شك عند أهل الحديث أن أبا حاتم أجل من أن يخطئ مثل هذا الخطأ، وعن شعبة بالذات!

إلا إذا أتانا آت وقال: بل سقط ذكر الرجل من جميع الكتب الأخرى (كما فعل المحقق الفاضل)، أو أن أبا حاتم زيادته زيادة ثقة، وهي مقبولة كما قرر المتأخرون، كابن حجر في نزهة النظر، وهذا من الأدلة على أن الكتاب في علل أحاديث وآثار الزهد!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير