[(زاد المستقنع) بين التحقيق و التخريق]
ـ[عُجير بن بُجير]ــــــــ[11 - 05 - 03, 02:27 ص]ـ
بسم الله، و الصلاة و السلام على رسول الله، و على آله و صحبه.
أما بعد:
فإنه قد وقع في يدي متن (زاد المستقنع) في فقه الأئمة الحنابلة _ رحمهم الله _ مكتوب على طُرَّتِهِ (و ثق نصوصه، و ضبط متنه، و شرح غريبه، و خرج أحاديثه: أبو أسامة سليم بن عيد الهلالي السلفي الأثري …) فرأيت المتن المُحَقَّقَ و المُعْتَنَى به فإذا الخُبْرُ يُخالف الخبر، و المُبْطَنُ يُنَاقِضُ المُظْهَر، ففيه تشريق و تغريب، بل تخريق و تخريب لهذا المتن المبارك الذي يُعَدُّ من الكتب الأصول عند أهل العلم، و التي جمعت بين دَفَتَيْها فقهاً كثيراً، و علماً غزيراً.
و والله إنه لمؤسفٌ أن يُتَعَرَّضَ لكتب العلم بالإفساد و التخريب بدعوى العناية و التحقيق، و هذا ما لحق بـ (الزاد) _ و الله المستعان _.
و لي مع هذا (التخريق) وقفات:
الأولى: أن هذا الرجل (سليم الهلالي) من جُمْلَةِ من يَزْعُمُ أنه من طلبة الحديث النبوي، و منهج هذا الرجل عدم الاهتمام و الالتفات إلى كتب المذاهب الفقهية.
و هو أيضاً أجنبي عن هذا الفن (الفقه)، و قليل الدراية به، و من قرأ تحقيقه لـ (الزاد) عرف صدق ما أقول.
و لقد قام هذا الرجل بالعناية بكتاب العلامة المعصومي (هديَّة السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان) و هو يتحدَّث عن مسألة اتباع المذاهب الأربعة، و قد قدَّم له (سليم) بمقدِّمَةٍ بيَّن فيها أن المرجعية عند التنازع هي الكتاب و السنة، و قارن بين قوله هناك _ ص (19 _ 44) و فعله هنا.
و قد ذكر أن الباعث له على الاعتناء بالكتاب؟! هو طلبُ صاحب مكتبة الرشد (أبو فهد بن أحمد الحمدان) منه تحقيق الكتاب و العنايةَ به.
و العمل بهذه الطريقة لا يكون _ غالباً _ نشراً للعلم بصورة حسنة بهيَّة.
الثانية: منهجه و عمله في الكتاب، و هي أربع نقاط:
1) (ضبط المتن ضبطاً؛ يحول دون وقع اللبس في مواطن الاحتمال، و بعيد الإضافات، و شكل المُشْكل الذي لا يفهم إلا بذلك).
قلت: و إذا نظرنا _ بالمقارنة _ بين هذا المنهج المُنَظَّرِ هنا و بين واقع الكتاب لوجدنا أن الأمر إنما هو نفخ لصورة العمل ليس غير.
فهو لم يضبط المتن بالشكل _ كما زعم _ ضبطاً؛ يحول ….
2) (توثيق النص، و لا سيما أن كثيراً من النسخ المطبوعة كثيرة التصحيف و التحريف بل يوجد في بعضها نقص، و قد اعتمدت على متن الكتاب الموجود في ((الروض المربع)) حيث حصلت على نسخة خطيَّة بخط المصنف _ رحمه الله _ …)
قلت: و أين التوثيق المزعوم لنص المتن، و كفى بياناً لإبطال هذا الزعم و إسقاطه: اعتماده على متن الزاد الموجود في الروض.
و هذا المسلك لي عليه مآخذ:
أ- أن اعتماده على المتن الموجود في الشرح غلط في منهجية التحقيق و ذلك لأمرين:
الأول: أن طرق الشراح للمتون غالباً ما تكون على إحدى طريقتين:
الأولى: مَزْجُ الشرح بالمتن، و يُفَرِّقُوْنَ بين المتن و الشرح باللون الأحمر للمتن.
الثانية: عكس الأولى.
و الإمام البهوتي _ رحمه الله _ سلك الطريقة الأولى.
ثم أيضاً إن ذكر الشراح للمتن مختلفة على منهجين:
الأول: من يشترط ذكر المتن كاملاً، و يشرح ألفاظه كلها.
الثاني: من يشرح من المتن ما يراه مُسْتَحِقَّاً للشرح و التوضيح.
و بهذا لا نستطيع الجزم بأن الإمام البهوتي _ رحمه الله _ اشترط شرح جميع ألفاظ الزاد.
و الأمر الثاني: كيف يكون من منهجية التحقيق الاعتماد على الشرح مع وجود الأصل.
فإن متن الزاد متوافرة و كثيرة، فلو كان (سليم) صادقاً في زعمه تحقيقَ الزاد تحقيقاً علمياً لبحث عن أصل خطي للزاد؛ و هو صاحب التحقيقات الكثيرة، و عُمُرُهُ في التحقيق فيه طُوْلٌ.
ثم إن اعتماده على مخطوطة (الروض) أوقعه في أغلاط كثيرة في (التحقيق) منها ما يلي:
1_ السقط الكثير و الطويل في المتن.
2_ الإقحام في المتن ما ليس منه.
و هذا يدلُّ على عدم معرفة (سليم) بالكتاب _ الزاد _.
ب- انتقاد (سليم) الطبعات السابقة _ و هي أصح من تحقيقه؟! _ بأنه يوجد فيها سَقْطٌ، و تصحيفٌ، و تحريفٌ هو ما حصل له في تحقيقه؟! _ و سيأتي الكلام عنه _.
¥