تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الرّحمن حمّادو وثالثا لا يذكره، فحدّثهم بخبري وقصّتي مع الكتاب.

توجّهت همّتي إلى شرح الحديث المقتفى الذي توفّرت فيه نسختان:

1 ـ نسخة ناقصة قدر ورقتين وهي نسخة الأزهريّة.

2 ـ ونسخة تامّة هي نسخة الجزائر التي شاهدتّها على طبيعتها في البرواقيّة ثمّ شاهدها أبو الطّيّب وتقمونين وغيرهما. وحدث أمر لم يكن في الحسبان حيث فقدت النّسخة الأصليّة للكتاب التي اكتحلت بها عيني وعين أبي الطّيّب ومحمّد تقمونين، والعالم الله من أخفاها عن الأنظار، وسترها عن الأبصار، ومعاذ الله أن يَرْمِيَ أحدٌ الأخ الكريم أبا الطّيّب بتهمة سرقة المخطوط الأصلي، وحجبه عن الأبصار.

والحاصل أنّ أحدنا تمنّى صادقا أن يحظى تحقيق كتاب أبي شامة بصورة عن نسخة الجزائر الأصليّة التي عليها خطّ المؤلّف في مواضع، ولكن ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه، وقد حفظت لنا أنامل أبي الطّيّب ـ حشرنا الله وإيّاه في زمرة المتّقين ـ فرعا عن أصل اكتحلنا به جميعا ثمّ ضاع وقبع في مكان خفيّ. ويكفي أبا الطّيّب فخرا أن صار يقال: نسخة الأزهر بخطّ عليّ بن أيّوب المقدسي، ونسخة الجزائر بخط عبد الرّحمن حمادو، واللّطيف في الأمر أنّ الأوّل كان يسمّى شيخ السّنّة لحبّه الشّديد لشيخ الإسلام ابن تيميّة، ولا أحسب أبا الطّيّب إلا المحبّ أيضا والعاشق لتراث أعلامنا الميامين.

تلّقيّت مهاتفة كريمة من صاحب الودّ أبي الطّيّب الذي أخبرني عن رغبته في تحقيق: المؤمّل وسعدتّ لكرمه بمبادرة الاتّصال، وأخبرته عن توجّهي لتحقيق الكتاب، وأسعد جدّا أن أراه محقّقا باسم العبد الضّعيف أو باسمه الكريم هو، فمثل هذه الكتب يحسن أن تكثر بها النّشرات لأنّها تخدم جانبا مهمّا من العقيدة وهو اتّباع الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وجعل سنّته هي المنبع مع الكتاب في استنباط الأحكام الشّرعيّة. فتعدّدها بتعدّد محقّقيها المعتبرين مستثنى من قضيّة إعادة طبع الكتاب الواحد كما فصّلته في ورقة علميّة شاركت بها في إحدى النّدوات العلميّة المباركة.

ولبثت دهرا أترقّب نشرة أخي العزيز، وقدّر الله لنشرة أخيك أن تظهر، وكلّنا شوق إلى نشرتك شاكرين ومستفيدين.

والمقصود أنّ التّراث ليس حكرا على أحد، وما زالت منتسخات أهل العلم والفضل مصدرا خصبا للاستفادة منها في تحقيق التّراث شرط العزو إليهم، وأنّ النّسخ كان بخطّهم، ومن أشهر ذلك ـ وهو كثير لا يحصى ـ منتسخات شيخنا بالإجازة العلاّمة الفقيه أبي خبزة التّطواني ـ حفظه الله تعالى ـ التي ما زالت تعتمد في التّحقيق وهي من الكثرة بمكان، ولا أعرف من المخطوطات التي نشرها شيخُنا سوى كتاب: " دعامة اليقين في مناقب الشّيخ أبي يعزى السّبتي " وتفضّل وأهداني نسخة منه حفظه الله، وقد بذل الشّيخ جهدا واضحا في انتساخ نوادر المخطوطات التي كادت الأرضة تمحي آثارها لولا ما يسّره الله على يديه، ومن فضائله ومناقبه إتاحته لمنتسخاته النّفيسة ـ بفرح وسرور، وسعادة وحبور ـ لطلاّبه وتلاميذه ومحبّيه، ولم ينس المحقّقون ـ في مقابلة كرم شيخهم ـ ثناءهم وتقديرهم لشيخهم الذي أخرج النّسخ الصّعبة القراءة بخطّه المرونق. وهذه نسخ المخطوطات المحفوظة بدار الكتب المصريّة والمكتبة الظّاهريّة وغيرها من المكتبات تعجّ بمنتسخات عباقرة التّحقيق، وجعلوها مشاعة بين المحقّقين، وما عدّوا من اعتمد على نسخة ناسخ أنّه سارق للعمل كما يقول أبو الطّيّب وفّقه الله وسدّد خطاه، وأخوك الفقير لم يعتمد نسخة واحدة في تحقيق ما حقّق بل اعتمد نسختين في الكتابين المبعث وخطبة المؤمّل، وأشاد بأبي الطّيّب، ومع ذلك رميتني أيّها العزيز بما رميت، وقلت وهوّلت، وارتدعتّ وانتفضت، فكيف يكون الحال فيما لو قدّر الله أن اعتمدتُّ نسختك فقط المنتسخة من الأصل الذي فقد واختفى، فالحمد لله الذي يسّر لكتب أهل العلم أكثر من نسخة، وأملي في الله كبير أن تظهر نسخة الجزائر الأصليّة من جديد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير