تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

د ـ أنّ مادّة الكتاب العلميّة حقّ فكري يمتلكه أبو شامة رحمه الله، والنّسّاخ وسائل كونيّة يسخّرها الله لتجدّد ذِكْر تراث أعلامنا الغابرين، وما زال المحقّقون شرقا وغربا يعتمدون نسخ النّسّاخ ويشيدون بهم، وأنا قد اعتمدتُ أصلا بخطّ شيخ السّنّة، واستأنستُ بفرع استنسخته بقلمك، وصرّحت في المقدمة باسمك فكان ماذا؟

هـ ـ أنّ المخطوط الواحد ييسّر له المولى عددا من النّسخ في بلد واحد أو بلدان شتّى، فتقع نسخة لمحقّق، وأخرى لآخر، وثالثة لثالث، وهكذا دواليك، ولا يدري بعضهم عن خبر بعض، أو يعلمون ذلك وتعذّر عليهم وصول النّسخ، أو وصلتهم النّسخ وتهيّأت لأحدهم الأسباب ونشط وتأخّر غيره، فإذا نشر عمله ـ وهذا عذره ـ فلا يمكن لأحد أن يلومه ويقول: أخذت عملي. وأنت نفسك ـ أيّها الوفيّ ـ قد انتسخت فيما أذكر " ذيل التّبيان " لابن حجر عن نسخة الجزائر ونشر الكتابَ غيرُك اعتمادا على نسخة أخرى، وما زلنا نترقّب بلهف عملك، فامض لما أنت إليه ماض، والله يوفّقك ويرعاك.

و ـ وقولك حُفِظْتَ: " دون طلب ولا إذن منّي" جوابه أنّ الذي أعلمه من نفسي أنّني أخبرتك في مهاتفك الكريمة لي ـ والعهد بعيد ـ بأنّني ماض في تحقيق الكتاب لتوفّر أسباب تحقيقه، وسرّني أن تتوجّه إليه تحقيقا، وأذكر جيّدا أنّني قلت: إنّ مثل هذا الكتاب القيّم جدير أن تتعدّد نشراته فسواء ظهر باسم جمال أو باسمك الكريم عبد الرّحمن، فإنّي وإيّاك قد ساهمنا في نشر كتاب يعدّ من نوادر الكتب التي تدعو إلى إحياء منهج الأئمّة الأوائل في استنباط الأحكام الشّرعيّة، وأعظم بها منقبة لي ولك يا أبا الطّيّب.

ل ـ وقولك: " ولا أعلم كيف حصل عليها " جوابه:

أنّه أتحفني بها صديقنا الوفيّ محمّد تقمونين؛ وقد تريّث حتّى أخبرته بما دار بيني وبينك في مهاتفتك المشار إليها، وأبى ـ حفظه الله وإيّاك ـ أن يمدّنا بنسخة من ذيل التّبيان لعلمه بأنّ أبا الطّيّب لم يأذن بخروج النّسخة لاشتغاله بتحقيقها!

ف ـ ثمّ هوّن عليك ـ يا أبا الطّيّب ـ وكن جوادا بالمخطوطات ليجود الله عليك من خيراته وبركاته، وأذكر هنا ما شاهدتّه من شيخنا المحدّث أبي عبد الباري حمّاد بن محمّد الأنصاري رحمه الله من جود بالغ وكرم زائد في إتاحة منتسخاته الرّائقة ومخطوطاته النّادرة، وتعلّمت منه حكمة مفادها أنّ: " من جاد بالمخطوطات جاد الله عليه بأمثالها "، فكان لا يأنف أن يخبر أقرانه العلماء وطلاّبه الفضلاء بخبر ما وصله من مخطوط ولو بلغ من النّدرة ما بلغ، وتيسير تصويره، وتسهيل إعارته، فيكرمه الله بعشرات المخطوطات النّادرة تترى إليه من أماكن شتّى، وكلّ هذا من فضل نشر العلم وعدم كتمانه.

ك ـ ثمّ إنّ المرء ليبتغي صادقا أن يكون سببا للخيرات ووصول المسرّات، ويسنّ الله على يديه أمرا يتجدّد له به الذِّكْر، ويتضاعف له به الأجر، والعبد الضّعيف قد اعتمد في تحقيق: " خطبة المؤمّل " نسخة المقدسي أصلا وفرع أبي الطّيّب استئناسا، ويرجو أن يثبت لهما الأجر والثّواب، وأحسب أنّك تكرّمت وأعطيت، ونسخت وبذلت، فلا داعي لأن تبطل أجر ما ثبت لك ـ إن شاء الله ـ في ديوان حسناتك، بهذا المنّ الذي اعترفنا لك فيه بالفضل، وذبحتنا فيه بالاتّهام والعذل، فكن طيّبا ـ يا أبا الطّيّب ـ مع من ذكرك فشكرك.

م ـ ثمّ إنّ أقصى ما حصل اعتماد أخيك على نسختين ثانيهما بخطّك وقد صرّح باسمك الطّيّب، وأنا ـ والله ـ أحبّ لك أن تظهر نشرة باسمك الكريم، تطبيقا للأصل المعلوم في شرع الله المطهّر: أن تحبّ لأخيك ما تحبّ لنفسك.

2 ـ قولك ـ يا رعاك الله ـ: " فلمّا قرب تمام إنجاز مشروع تحقيق كتاب أبي شامة المذكور بحمد الله تعالى، وهذا عام 2003م، ولم يبق منه سوى مراجعته وتبييض تخريج أحاديثه وتعاليقه والنّظر فيه 1424هـ من طرف المحدّث شيخنا عبد الله بن يوسف الجديع حفظه الله إذ التمست من فضيلته ذلك، فوافق ورحّب بالفكرة وسرّ بها ".

فجوابه من وجوه:

أ ـ اشتغال أخيك بالكتاب ـ يا أبا الطّيّب ـ قبل هذا التّاريخ بسنوات.

ب ـ مشروع تحقيقك للكتاب ووشوك صدوره بشرى لنا، واستمرّ في مشروعك الطّموح ولا تقف، ولا تعوقنّك نشرةُ أخيك الجزائري، فالدّنيا بعد لم تقف، والرّوح قائمة في جنبك، أطال الله عمرك في الطّاعات، وبارك لك فيما تخفيه لنا من مشروعات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير