تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

6 ـ قولك ـ حفظني الله وإيّاك ـ: " وقد كنت أحسنتُ إلى الدّكتور بما ينبغي أن يحفظه ويراعيه لي من الإحسان حين جدتّ عليه بمنتسختي من كتاب شرح حديث المبعث لأبي شامة، وهي التي اعتمدها أصلا في نشرته للكتاب حيث سدّت الخرم البليغ الذي في نسخته ".

وجوابه من وجوه أهمّها:

أ ـ لئن كنتَ ـ أيّها الفاضل ـ أحسنتَ وجدتَّ بمنتسختك، فقد أخشنتَ وحدتَّ وجُرْتَ على المشيد بفضلك، فقد ذكرتُك في مقدّمة تحقيق المبعث، وذكرت توفيق الله إيّاك، فماذا أنت راجٍ بعد الإشادة والتّنويه، والتّصريح بالاسم دون التّنبيه، ماذا نفعل لك حتّى ترضى، ونسدي إليك حتّى ينطفىء ما اشتعل في صدرك من الغَضَى، هوّن عليك أيّها الرّجل فنسختك من المبعث طفحت بالتّصحيفات، وجاشت بالتّحريفات، وغضّ عنها أخوك النّظر، اعتبارا بالأصل الذي إليه نظر، وحفظا للودّ الذي بيني وبينك من قبل قد ظهر.

ب ـ دع عنك ـ أيّها المحسن ـ كلمة: " الدّكتور " فلستُ بها بالفَخُور، ولا بسببها لفضل الغير بالنَّكُور، وما زلت أحفظ لك الودّ يا مغرور، رغم ما بلغني من أذاك لي على لسان من ألقى من حاجّ أو معتمر إلى بيت الله المعمور.

7 ـ قولك ـ حفظني الله وإيّاك ـ: " على أن يسعفني هو بدوره بالنّسخة الهولنديّة من خطبة الكتاب المؤمّل وكان منها نسخة بالجامعة الإسلاميّة، وتمّ الأمر بحمد الله تعالى كما اتّفقنا عليه ".

وجوابه من وجهين:

أ ـ قد أسعفتك بها دون منّ أو أذى، وأخبرتك بعد وصولها إلى جنابك الكريم في تلك المهاتفة أنّي عاقد العزم على تحقيقها، ولمّا أبديتَ أيّها الفاضل رغبتك في تحقيقها أيضا قلتُ لك: ذاك شيء يسرّني، ونسعد جميعا بظهور مثل هذا الكتاب باسم العبد الفقير، أو باسم أبي الطّيّب الذي ما ترك بمنّه وأذاه لصدقته من قطمير، فعكفت قرابة حولين دارسا محقّقا، وغفوت أنت هارسا منمّقا.

ب ـ أمّا الاتّفاق الذي تشير إليه فأذكر جيّدا هو شرطك أن لا يرى منتسختك أحدٌ من خلق الله ـ ويا له من شرط ـ وما اشترطتُ عليك أنا ذلك إطلاقا لمّا وصلتك النّسخة التي صوّرتها لك من الجامعة، وأخبرتك حينها أنّ أخاك ماضٍ على تحقيقه، وأسعد بتحقيقك وقد طال خروجه، كما طال خروج عدد وفير من المخطوطات التي جرت عادتُك بإخبار الأصحاب أنّك حقّقتها، وما رأينا لك إلى يوم النّاس هذا كتابا حقّقت أو جزءا نشرت، وأخوك الذي ترميه بالمساوىء قد يسّر له المولى ما لا يخفى عليك، من تحقيقات ومقالات ومشاركات ومحاضرات وندوات، وما يزال يشعر بضعفه، ويأمل من ربّه الصّفح قبل موته ودخول رمسه، ويسعد جدّا باستدراك الفضلاء، وتنبيه الأخيار النّبهاء؛ وبمثل النّقد الهادف نرتقي في تحقيقاتنا إلى المستوى المطلوب، ونحوم حول المقصد المرغوب، راجين في كلّ ما نفعل رحمة علاّم الغيوب.

8 ـ قولك ـ حفظني الله وإيّاك ـ: " وكأنّ الأخ المحقّق! لم يكفه ذلك، وشقّ على نفسه وقوفي عليها، واستكثرها عليّ بل على كلّ أحد غيره، وكبُر عليه اشتغالي بتحقيقها ".

وجوابه من وجوه أهمّها:

أ ـ علامة التّعجّب الذي وضعتها أمام كلمة: " المحقّق " تشير بها ـ كما لا يخفى ـ إلى عدم انطباق هذا الوصف على أخيك، فلستُ في نظرك الكريم محقِّقا، فلتعلم ـ أبا الطّيّب ـ أنّ كلمة: " التّحقيق " ومشتقّاتها من أبغض شيء إلى نفسك أخيك، لأنّها تشير إلى الإتقان والإجادة والمتانة والدّقّة ونحوها من صفات عالية تلمح إليها تلك الكلمة، والمسلم يأنف أن يتظاهر بمثل ذلك، والواجب هضم النّفس قدر المستطاع، وإبداء الافتقار إلى الله عزّ وجلّ، ولمّا كانت تلك الكلمة بتلك المثابة أعلن شيخ المحقّقين الأستاذ الكبير محمود شاكر رحمه الله عن تطليقه لمصطلح: " تحقيق "، واستبداله بكلمة: " قراءة وتعليق "، ونحوها من كلمات تحدّد أعظم واجب مناط بدارسي المخطوطات وهو قراءة النّصّ قراءة صحيحة سليمة من التّصحيف والتّحريف والسقط، أمّا تضخيم الحواشي على حساب نصّ المخطوط فذاك شيء مستهجن في عرف عمالقة فنّ التّحقيق، ولا يشفع له وجود كلمة: " تحقيق " على ظهور الكتب، خاصّة وقد ولج هذا الميدان أناسٌ مسخوا التّراث وأكلوا به باسم التّحقيق والتّدقيق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير