تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأولى: ماديّة تتركزّ على تحديد ورق المخطوط هل هو رقّ غزال أو ورق مشرقي أو أوروبي أو حديث، والنّظر في العلامات المائيّة والخطوط المتوازيّة فيما إذا كان الورق أوروبيّا، وبيان الأحبار والأمدّة التي استعملت في كتابة النّسخ الخطيّة هل هي نباتيّة أو عفصيّة، ووصف تجليد النّسخة ودفّتيه ولسانه وحشوته وعصره، والتّمييز جيّدا بين النّسخة الأصيلة والدّخيلة بواسطة ضوابط لا أحسبك ـ أيّها الحِبُّ ـ رآها في المنام قلبُك، أو سمعت بها في اليقظة أُذْنُك، أو طمع في فهمها لبُّك. وهي أمور ضروريّة لمن رام فهرسة المخطوطات على الوجه الصّحيح، وعبارتك عن أخيك: " لم يحسن فهرستها " تشعر القارىء أنّك في فنّ الفهرسة ابن بجدتها، وفي علم التّصنيف أبو نجدتها، فأبينوا عمّا فهرستم حتّى يستفيد القارئون، وجلّوا عمّا صنّفتم حتّى يقيّم أعمالكم النّاقدون.

الثّانية: علميّة تتركّز على تحديد ماهيّة المخطوط المفهرس وبيان عنوانه الأصلي والفرعي واسم مؤلّفه وتاريخ النّسخ ومكانه، وأوّل الكتاب وآخره، ونوع الخطّ، وعدد الأوراق، وملاحظات دقيقة عنه، وقضايا أخرى في الفهرسة غير خافية على أخيك، إن كنت تراقب الله ـ يا أبا الطّيّب ـ ما يصدر من فيك، ويختلج في خوافيك.

12 ـ قولك ـ حفظني الله وإيّاك ـ: " ولعلّه بعمله هذا يسكّن بعضَ ما في نفسه من الأسف الشّبيه بأسفي لعدم تفرّده واستئثاره بالنّسخة التي ضاعت كما أشرتُ بدءا ".

جوابه من وجوه أهمّها:

أ ـ قولك: " ولعلّه " هذا من عللك في المباحثة إذ ترمي غيرك بالتّهم مستعملا: " لعلّ، وكأنّ، ويبدو ... " الخ من أدوات الشّكّ والرّيب، التي يستعملها فاقد الحجّة وذا شينٌ وعيب.

ب ـ الكتاب له نسختان إحداهما هولنديّة والأخرى جزائريّة أصيلة عاينتها واحتفظتَ أنت بفرع عنها بخطّك، وقد وقعت الأولى تحت يدي ويسّر الله الثّانية فلحقت بأختها، والمحقّق عادةً يسعى جاهدا للحصول على أكثر من نسخة زيادة في التّوثيق، ويحزن ويأسف ويأسى إذا حظي بنسخة واحدة في التّحقيق، لما يعلم من خطورة الاعتماد على النّسخة الفريدة الوحيدة في التّحقيق، ولو اعتمد في تحقيق كتاب على مخطوطة واحدة وللكتاب نسخ أخرى لوجّهت إليه سهام النّقد كما لا يخفى، والمقصود أنّ المحقّق في عرف هذه الصّناعة يأسف إذا حظي بنسخة واحدة ويفرح إذا يسّرت له أخرى، وأنت ـ يا أبا الطّيّب ـ قد عكست الآية وزعمت أنّ الحصول على نسخة واحدة وتفرّد محقّق بها دون غيره أمر موجب للاعتزاز والفرح، ولو شاركه غيره في الحصول على نسخة أخرى لبطل تفرّد المحقّق ولحصل له نوع أسى بسبب هذه المشاركة. هذا منطقك ـ يا رجل ـ لو كنت من العاقلين، بالله عليك هل يوجد محقّق يدري ما يقول يفرح بتفرّده بنسخة في التّحقيق ويأسى إذا ظفر غيره بنسخة أخرى؟ رغم أنّ العكس هو الحقّ والصّواب، والعمل الذي جرى عليه أولوا الألباب، ويأبى الله إلاّ أن يكشف دخيلة نفسك حين زعمت أنّ هذا مسلكك في التّفكير فقلتَ: " الشّبيه بأسفي لعدم تفرّده واستئثاره بالنّسخة التي ضاعت " وأقول أنا: عياذا بالله أن يشبه أسفي أسفُك، لأنّي آسف على حظوة محقّق بنسخة واحدة وأفرح إذا جاءته أخرى، وأنت تأسف إذا حظي بأخرى وتفرح إذا تيسّرت له واحدة فانفرد بها دون سائر خلق الله، وهذا من اللّؤم في الطّباع حين يأسف المرءُ على شيء يفرح به، ويفرح بشيء يؤسف له، ومثل هذا المسلك يجعل صاحبه بخيلا في عطائه، مانّا في نواله، مؤذيا لأصحابه، فلا جرم أنّ سمّى أهلُ اللّغة الرّجل اللّئيم في عطيّته: " مُسَفْسِفاً ".

ج ـ إذا ثبت هذا بطل زعمك أنّه سكن في نفس أخيك شيء من ذاك الأسف الباطل الذي صرّحت أنت أنّه استقرّ في نفسك، وأحمد الله حمدا كثيرا أنّني لستُ من هذه الطّينة، ولا أتجلجل بتلك الأخلاق الرّطينة.

13 ـ قولك ـ حفظني الله وإيّاك ـ: " وأرجو هنا أن لا يتّهمني ظنُّ أحد من الإخوان بأنّني نهبتُ النّسخة الأصليّة من خزانة وزارة الشّؤون الدّينيّة بالجزائر، فأنا من ذلك برىء براءة أمّنا عائشة رضي الله عنها من خبر الإفك، وإنّما ذكرتُ هذا لأنّ الشّيطان يجري من الإنسان مجرى الدّم ".

جوابه من وجوه أهمّها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير