تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الشّرط الأوّل: أفصحت عنه بقولك: " على أن يستفيد بها لنفسه حسب " فحصرت الاستفادة من كتاب أبي شامة في شخص أخينا المذكور فقط فلا تتعدّى تلك الاستفادة غيرَه من الأصحاب، وكأنّ الكتاب ما عرف إلاّ من قِبَلك، وما اشتهر إلاّ من جهتك، رغم أنّنا استفدنا منه مرارا، ونقل عنه الأشياخ تكرارا، يا رجل إنّ النّسخة الإيرلنديّة تمثّل النّصّ الكامل للكتاب، وهي ميسورة لكلّ باحث في الجامعة في الرّوحة والإياب، وما اشترط أحد هذا الشّرط الباطل، الصّريح في كتمان العلم عن كلّ فاضل. وهل تظّنّ صاحبَك ينتظر إذنك الكريم حتّى يتوجّه إلى نسخة الجامعة ـ وهو أحد روّادها ـ للاستفادة منها، وهل تظنّ أن الاستفادة لا تتحقّق إلا من خلال فرعك، الذي أبطلته بسياط قرعك، وكرهناه ـ والحقّ يقال ـ لشدّة هلعك، وعظم جزعك، وتمنّينا أنّنا ما رأيناه، ولا سمعنا به ولا اعتمدناه، ولا أدرجنا اسمك في تحقيقاتنا ولا رسمناه، ويا ويح المحقّقين إذا من منتسخاتك، ويا ويلهم من منتسجاتك.

الشّرط الثّاني: وأفصحت عنه بأيمانك قائلا: " فأخذت منه العهد الوثيق والميثاق الغليظ بصيانتها عن الأنظار والأخطار "، ما شاء الله ما هذا الكنز الذي بلغت جودته أن يصان عن الأنظار، فلا تبصره أعين النّظّار، من خلال أيّ منظار، سواء كان منظار استفادة من سوى صاحبك فضلا عن منظار نشر وإشهار، وكأنّه لا يوجد لخطبة المؤمّل نسخة ثانية في الأقطار، ولا رأى مختصره الطّباعة من قبل والإظهار.

كما أوصيت صاحبك أن يصون منتسختك عن الأخطار، وهي جمعٌ مفرده خَطَر والخطر الإشراف على الهلاك، وما هلكت النّسخة بل استأنس بها محقّقها بعد نسخة تشستربتي، ونشر الكتاب في صورة بهيّة، ونشرة زهيّة، راجيا توجيهات من المحبّين نقيّة، فما هلكت نسخة هذا مآلها. ويأتي الخَطَر بمعنى الشّرف والرّفعة، وقد تشرّف العبد الضّعيف بتحقيق كتاب أبي شامة، ويأمل من المولى رفعة لديه يوم القيامة، ولا أحسبك ـ أبا الطّيّب ـ تأمر صاحبك أن يصون منتسختك عن الأخطار بهذا المعنى الثّاني.

وذكّرني سياقك لجملة " الميثاق الغليظ " قول حبر الأمّة ابن عبّاس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: " وأخذن منكم ميثاقا غليظا " قال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. وأنت يا حمادو ما أمسكت منتسختك بمعروف ولا سرّحتها بإحسان، بل آذيت أصحابك، واتّهمت أحبابك، وقطعت الأعناق بالمنّ والأذى، والله يقول: " لا تبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى ".

ب ـ وقولك: " ومعها المسوّدة من مقدّمة تحقيقي لها " أوهمت به أنّ لك ـ يا عزيزي ـ مقدّمة حافلة قدّمت بها بين يدي الكتاب، وسطا عليها أخوك الذي ترميه بما يدميك، وتقليه بما يؤذيك، والواقع أنّه ما رأى سوى النّصّ المنتسخ، الذي رأى أصله الضّائع فما منّ ولا بذخ، وكتب مقدّمة من نتاج فكره فصّل فيها الكلام عن قضايا مهمّة تتعّلق بالمؤلّف والكتاب.

وتسمّى ما كتبت: " مسوّدة " تشير بها إلى صنيع أهل العلم في مسوّداتهم ومبيضاتهم، وما رأينا لك بياضا بعد سواد، ويا لكثرة ما سوّدته يداك، ووعدتْ بتبييضه ونشره شفتاك.

ج ـ ما أوصيت به صاحبنا الكريم من صيانة النّسخة عن الأنظار والأخطار نموذج من بخل طائفة لم يرضعوا جود الكرم من شيوخ الجود، أمثال شيخنا ووالدنا العلاّمة حمّاد بن محمّد الأنصاري، وقد رافقنا هذا الصّاحب عند هذا الشّيخ مدّة ورضع من معين كرمه، فغلبه " جُودْ يَدُّو وعِرْق جَدُّو على بخل حَمَادُو ".

15 ـ قولك ـ حفظني الله وإيّاك ـ: " وأعرف من هذا الأخ عادته في الاستئذان في مثل هذه الأمور فما الذي طرأ ".

جوابه من وجوه أهمّها:

أ ـ أنّ الأخ المذكور ما زال في عاداته الجميلة، وأخلاقه النّبيلة، وقد صرّحتُ لك ـ في مهاتفتك لي ـ بخبر تحقيقي للكتاب، وبناء عليه تكرّم صاحبُنا بفرعك، وضممناه إلى أصل أصيل هو نسخة تشستربتي، ويؤكّد لك أخلاق الصّاحب عدم إخراجه لمنتسختك من ذيل التّبيان لابن حجر. وقد نشر محقّقا، والحمد لله أنّ محقّقه ـ الباذل في تحقيقه جهدا يذكر فيشكر على نقص لا يسلم منه البشر ـ لم يطّلع على منتسختك، وإلاّ لرميته بما رميت به بلديّيك المحبَّيْن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير