تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 ـ أخوك ـ يا إنسان ـ تهيّأت له أسباب تحقيق هذا الكتاب قبلك بسنوات، وأقبل عليه تحقيقا وتعليقا ونسخا في أزمنة عديدات، وأشاد به قبل أن يطرق سمعك في المشرق والمغرب عند أهل العلم والفضل من البريّات، ونشره نشرة سرّت ذوي المروءات، ثمّ تأتي أنت ـ يا رجل ـ مهرولا مندهشا بعد الغفلات، وتنادي في الملتقى: إنّ ذا خرق لمجال المنافسات، وقد أبنتُ لك ـ إن كنت تعقل ـ في هذه المناقشات، ما يبطل ما تفوّهت به من التّهم الباطلات.

2 ـ مادّة: " خرق " في عرف أهل اللّغة إن كانت بفتح الرّاء تعني الشّقّ والتّمزيق، وما شققتُ بتحقيقي مجالا، ولا مزّقتُ بتعليقي سجالا، بل أنت ـ يا رجل ـ شقّ عليك ظهور نشرة أخيك، وتمزّق قلبُك، واشتدّت دهشتك. ويقال أيضا: خَرَقَ الكذبَ إذا اختلقه والشّيءَ ادّعاه كذبا. وقد نشرنا الكتاب على نسختين أصل هو بخطّ شيخ السّنّة، وفرع بخطّك عن أصل مفقود، وذكرناك باسم تصريحا لا تلويحا، وشكرناك في المجالس، وأشدنا بك عند الصّاحب والمؤانس، وما ادّعينا شيئا لك لنا، بل دعونا في نشرتنا أن يوفّقك ربّنا، فأبيت إلاّ أن تخرق على أخويك الكذب، وترميني بخرق مجال المنافسة الشّرعيّة، إن كنت تدري الأخلاق المرعيّة، والآداب النّبويّة. أمّا خَرِقَ بكسر الرّاء فتأتي بمعنى حَمُقَ، وبمعنى لم يرفق في عمله، وبمعنى دهش وتحيّر، وقد دهشت وتحيّرت وقسوت ولم ترفق برفيق رفق بك.

3 ـ قلبك حيّ ينبض، وروحك في جنبك فانهض، ونشرتك معدّة للنّشر كما تقول والدّنيا بعد لم تنقض، والملكان ما زالا يكتبان، فواصل ـ يا فاضل ـ المنافسة، فليس بمجرّد وقوفك على نشرة جَمال، توقف رحالك والجِمال، وتنعزل في الدّروب والجِبال، وتقول: لقد خُرقت المنافسة، ولا أستطيع ـ بعد النّشرة ـ إلا المهامسة، يا أخي مالك ألم يقل الله تعالى: " وفي ذلك فليتنافس المتنافسون "، وقد تقرّبتُ إلى الله بقربان تحقيق الخُطبة، وبسطت إليك يدي بالثّناء والمحبّة، وهيّأتَه أنت ـ كما تقول ـ للنّشر متقرّبا إلى الله كاشف الكربة، وبسطتَّ إليّ يدك لتَفْتِلَني ـ بالفاء ـ بالتّهمة والنّهبة، وتَفْتَلَّنِي بالقرصنة وأخواتها الدّالة على الهجنة والسُّبّة.

* أريد حياته ويريد قتلي *

وما أنا قائلٌ لك إلاّ ما قال هابيل لقابيل: " لئن بسطتّ إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك "، ولكن لأزيل وهمك، وأزيح ظنّك.

4 ـ عرفتُ الكتاب قبلك، وتهيّأت أسباب نشره دونك، ومعي نسخة شيخ السّنّة وأرسلتها لك، واستأنستُ بفرعك ـ على عجره وبجره ـ المنسوخ عن الأصل المفقود وأُرسل لي، وأخبرتك في تلك المهاتفة إقبالي على تحقيقه، ووفّق الله فطبع، وما يزال عملك قيد الطّبع إلى ساعتنا هذه، ففزعت ودهشت وجئت بعد رقاد وسبات، وهرولت بعد ضياع وشتات، لتبرز عضلاتك على أخيك وتقول: سأخرج الكتاب، فمن هو المنافس للآخر ـ يا عاقل ـ فأيّ الرّجلين خرقَ مجال المنافسة الشّرعيّة في نشر الكتاب إن كنتم تفقهون.

5 ـ أنّ المنافسةَ المسابقةُ في الشّيء والتّباري فيه دون أن يلحق بعضُ المتاسبقين الضّرر ببعض كما يقول أهل اللّغة، وكلانا ـ يا رجل ـ يمتلك نسختين، وانطلقنا ـ كما تفرض ـ في ميدان السّباق، فأسرعتُ في الميدان، وجريتُ بقوّة منذ البداية، وسبقتك ووصلت قبلك بزمن إلى خطّ النّهاية، ونظر إليك الجمهور وأنت جاشمٌ في نقطة الانطلاق، والحكم يشير إليك بسرعة الاختراق، فالتفتَّ إليه وقلتَ: لا يمكنني أن أسابق فلانا لأنّني البطل، فكيف يدخل معي غيري في السّباق دون مشاورتي، ويجرؤ على منافستي دون أخذ استئذان منّي، فقال لك الحكم: يا متسابق هذا ميدان مسابقة ومنافسة، لا ميدان محاججة ومرافسة، مالك تصيح وصاحبك قد وصل، وتتفلسف وأخوك قد بذل.

ثمّ إنّ المتسابقين عادة تكون لهم تصريحات قبل خوض مبارياتهم، فصرّحتُ أنا باسمك وأثنيت، وشكرت لك جهدك وما وانيت، وصرّحتَ أنتَ فذممت وقليت، واتّهمت وآذيت، فطبّقت أنا المنافسة الشّرعيّة القائمة على شرط هو عدم الأذى، ولم تحظ بها لصدور عبارات الاتّهام من فيك، ووصول الإيذاء إلى نفس أخيك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير