أ ـ حسن الاختيار في النّشر وإنّما يحسن المنشور إذا كان خادما لكلام الله وكلام رسول الله، وداعيا لسبيل السّلف الصّالح من عباد الله. وأخوك الذي تلمزه نشر بحول الله وفضله ومنّته: شرح السّنة للمزني، واعتقاد أهل السّنّة للإسماعيلي، وأداء ما وجب في بيان وضع الوضّاعين في رجب ـ وموضوعه بيان الموضوع على المصطفى صاحب السّنّة ـ، ووصيّة الحافظ الذّهبي في بيان أخلاق أهل الحديث حافظي السّنّة، وخطبة المؤمّل في إحياء منهج أهل الحديث من أئمّة الأمصار وفقهاء الأقطار، الذّابّين عن السّنّة، وغيرها من آثار في سيرة محمّد صلّى الله عليه وسلّم وبيان شريف أخلاقه، وعظيم شمائله. والعبد الضّعيف تخرّج من كلّيّة الحديث والسّنّة، وسكن في دار السّنّة، ومشاريعه المستقبليّة إن شاء الله لخدمة السّنّة، ويرجو من الله الكريم أن يحشره تحت لواء محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
ب ـ حسن الاعتناء بآثار الأعلام تحقيقا وتعليقا وفهرسة ... الخ، وأخوك بلا فخر، باذل جهدا في التّحقيق، شكره عليه أهل العناية والتّدقيق، ويفرح جدّا بملاحظات نافعات، وتوجيهات سديدات.
ج ـ استحضار النّيّة الخالصة في هذه الأعمال، وهذه علمها عند ذي العظمة والجلال، وعلى المرء أن يبذل جهده، ولا يزكّي نفسه.
فلئن قلتَ: " اتّق الله فيما تنشر، إن كان لك وازع من التّقى " فأنا أقول لك: اتّق الله فيما تنسر، واخشه فيما تبشر، واحذره فيما تقذر، إن كان لك وازع من التّقى، ورادع من شيم أهل النّقا.
38 ـ وقلتَ ـ يا مسكين ـ: " لقد نشرتَ نسختي عدوانا منك بغير إذني ".
جوابي من وجهين:
1 ـ اعتمدتُّ في نشر الكتاب على نسخة شيخ السّنّة القابعة في تشستربتي، ورأينا الكتاب قبلك بمراحل، ووقفنا على أصل أصيل في الجزائر، وأشدنا به في المجالس، وبشّرنا به الإخوان في المعارس، واستأنسنا بفرعك ويا ليت المرء ما فعل، وأشدنا باسمك فنلنا من عارفيك العذل، وبادلناك نسخة بنسخة فما هذا الهَبَل، وتهيّأت لنا أسباب تحقيقه ونشره في أيّام دُول، وجئت الآن ضابحا يا ويلتاه، قد نشر الدّكتور نسختي صائحا يا حسرتاه، مسكين ـ والله ـ هذا الجَزِع، السّاكت دهرا والقَبِع، والحاسد أقواما والهلِع، كيف بك لو ظهر أصل الجزائر، وارتحنا من منّك الغابر، وأذاك السّائر.
2 ـ أمّا إذنك ـ حفظ الله لك أُذْنَك ـ فقد بيّنتُ لك في المهاتفة والخطاب، إقبالي من زمن على تحقيق الكتاب، وطلبتَ نسخة وجاءتنا نسخة، وذكرناك بالخير والتّوفيق، ورميتنا بالشّر والتّلفيق، ظلما وعدوانا، وإفكا وبهتانا.
39 ـ وقلتَ: " ولم أحلّلها لك لتنشرها ".
جوابي من وجهين:
1 ـ اعتمدنا في نشر الكتاب على نسخة شيخ السّنّة أصلا، وأرسلناها إليك فعلا لا قولا، وها أنت هامٌّ بنشرها ولم نقل، لم نحلّلها لك فلم العَذَل، واستأنسنا بفرعك المحرّف فلم الزَّعَل، وهو منقول من أصل قبلك بمراحل رأيناه، وبين أيدينا وضعناه، وتصفّحناه وقلّبناه.
2 ـ هذا منطق أهل الجزع ممّن جهلوا قاعدة مهمّة في عالم المخطوطات، وهي: جد يجد عليك، دون منّ أو أذى، أو قذع أو قذى، وقد جُدتَّ وجُدنا، وجُرتَ وعن الجور حِدْنا، ولحقِّنا بعد ظلمك أخذنا، وإن عدتّم عدنا.
40 ـ وقلتَ: " فلا اعترفتُ لك بعملك ".
أقول: أضحكتني والله حين اعترقت، وتضايقت واغتممت، وتحزّمت واعتممت، وقلتَ إنّك ما اعترفت، ومن أنت حتّى ينتظر المرء أن تعترف له بما عمل، هل تظنّ خطر مثل هذا في عقلي يا رجل، ما شاء الله علا في العلم كعبك، وغلا في السّوق كعكُك، حتّى صرت محطّ الأنظار، مقصودا بعد النّشر من النّظّار، دعك يا مسكين من هذا الاعتراف، وابتعد عن هذا الاعتساف، واشتغل ـ خير لك ـ ببيع الخراف، أو مشاركة أهل تونس في قلي " لَخْفَاف "، ما ظننتُ بلغ بك السّموّ، وحملك الاعتداد والعلوّ، والفخر والغلوّ، أن تحشر نفسك في زمام المجيزين، ومقام المعترفين.
¥