[كتب الفوائد]
ـ[عبدالإله الشايع]ــــــــ[18 - 06 - 03, 10:32 ص]ـ
[كتب الفوائد]
من المجالات المهمة التي طرقها علماء المسلمين وآدباؤهم في مجال التأليف، جمع الفوائد في كتاب واحد، حيث عني العلماء بتقييد العلم، لأن تقييد العلم أمانٌ من الضيَّاع، وقصر لمسافة البحث عند الاحتياج.
حتى قال قائلهم:
العلم صيدٌ والكتابة قيده قيد صيودك بالحبال الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد عزالة وتتركها بين الخلائق طالقه
والمطالع لمثل هذه الكتب يمكن أن يقسمها إلى قسمين في الغالب لا تكاد تخرج عنه كتب الفوائد:
القسم الأول:كتب يجمع فيها المؤلف فوائد جناها من تجاربه وخبراته الشخصية، حيث يقيد فيها ما يمر في خاطره من الفوائد والخواطر و المناظرات التي تتسم بالعفويه.
القسم الثاني: كتب يجمع فيها المؤلف فوائد اطلع عليها من تجارب الآخرين، حيث يقيد فيها المؤلف ما قرأه من الفوائد التي يستحسنها من بطون الكتب، أو ما سمعه في مذاكراته مع أهل العلم.
وربما جمع المؤلف بين هذين القسمين في كتاب واحد.
ويسهل أن يلحظ القارىء غلبة تخصص المؤلف على كتب الفوائد، فالفقيه تجد معظم فوائده فقهية، والمفسر معظم فوائده في التفسير، ومن عنده عنايه بالحديث يكون الغالب على فوائده أنها حديثية، وكذلك من عنده عناية باللغة العربية يغلب على فوائده أنها لغوية، وهكذا الأديب.
ويصف أحد الباحثين كتب الفوائد فيقول: «الفوائد في عُرف المؤلفين هو الكتاب الذي يجمع كثيراً من الشوارد والدقائق التي يُدركها العالم، أو يستنبطها من النصوص،أو من الواقع، أو منهما معاً، خلال تجربته الطويلة ومعاناته الشخصية، واحتكاكه المستمر بالعلم والعلماء ومصاحبة الكتب،ومباحثة العلماء، ولا شك أنها تكون متنوعة لا تختص بباب واحد:
فمنها دقائق التفسير التي لا توجد في السطور المكتوبة، وإنما تدرك بالتأمل والفهم والمعاناة.
ومنها شوارد السنة التي تتوقف على التتبع ومواصلة البحث والمقارنة والاستقصاء والمباحثة.
ومنها فوائد التجربة، والاحتكاك بالناس، ومعرفة أعرافهم ومذاهبهم المختلفة، وأنماط سلوكهم.
ومنها الذوق السلوكي،والفهم المتزن للأمور، ومعالجتها بما يتفق مع الشرع والواقع.
ومنها فرائد اللغة العربية والبلاغة التي تبرز المعاني في حلة زاهية وصورة وَضَّاءَة.
ومنها الاستشهاد الشعري في مواطن يحسن الاستشهاد به فيها، ويبرز قيمة الكلمة الموزونة والمرسومة في موطنها اللائق بها».
وتتنوع أسماء هذه الكتب وتختلف، ولكن تغلب عليها بعض الأسماء منها:
- الفوائد، وهي جمع فائدة، ويقصد بكتب الفوائد في الحديث النبوي، أنها نوع من الكتب يدون فيها ما يلقيه الشيخ على التلاميذ. وغالب كتب الفوائد لا تتقيد بنظام في التصنيف من حيث الموضوع والترتيب، ويعود تصنيف هذا النوع من الكتب إلى عصر المتقدمين، ومن أمثلة هذه الكتب: فوائد تمام الرازي الدمشقي، وفوائد الفريابي، وفوائد أبي بكر القطيعي، وغيرها.
ولا يدخل مثل هذه الكتب فيما عنيته في هذا المقام، بل إن ما تكلمت عنه أعم من هذه الكتب.
- الكناشة: قال في القاموس: «الكُنّاشات بالضم والشد: الأصول التي تتشعب منها الفروع».
وقال صاحب التاج: «الكناشة: الأوراق تجعل كالدفتر يقيد فيها الفوائد والشوارد للضبط. هكذا يستعمله المغاربة».
- السفينة:وهي بمعنى المجموع الأدبي. فالسفينة مجلد يضم بين دفتيه أشعاراً ونوادر وأخباراً وطرائف، يدونها جامعوها بحسب ما يتذوقونه وما يقع عليه اختيارهم من منظوم ومنثور، ومن أمثلة الكتب التي سماها مؤلفوها بهذا «سفينة الأبرار الجامعة للآثار والأخبار» لعز الدين محمد بن أحمد المكي الحنبلي (ت 855هـ)، و «وسفينة العلوم» و «سفينة الكردي» وهو عبدالقادر الحلاق الكردي.
- الأوابد: وهي جمع آبدة وهي التي قد تأبَّدت، ومنه قولهم: جاء بآبدة: أي بأمر عظيم، فيه غرابه.
- الكشكول: وهو مثل المجلة العامة. والفرق أن هذا غير دوري وهذه دورية، وأن هذا يكتب بتأن وهذه يطلب فيها السرعة، وهذا لا يتطلب فيه متابعة الأخبار والواقعات، وهذه متوفر فيها. وهذه تحتوي على مقالات طويلة، وهذا لا يشترط فيه.
وغيرها من الأسماء.
ومن الأمثلة على كتب الفوائد التي صنفها العلماء:
¥