[استطلاع الرأي حول كتاب التبيان لعلاقة العمل بمسمى الإيمان]
ـ[ابن أحمد المدني]ــــــــ[20 - 06 - 03, 03:43 م]ـ
الأخوة الكرام أهل الحديث هم القوم لا يشقى بهم جليسهم أرغب في طبع كتابي المذكور وأرجو ممن لديه ملاحظات عن الكتاب أن يتحفني بها ولكم جزيل الشكر.وهذه مقدمة الطبعة الثانية.
الحمد لله عظيمِ المِنة،وناصرٍِِِ الدين بأهل السنة، نحمده وفقنا إلى الهدى، حمداً كثيراً ليس يحصى عددا، أحمدك اللهم أمرتَ الناس بالإيمان،وحرَّمت الكفر والفُسوق والعصيان،أحمدك ربي على ما علمت من البيان،وألهمت من التبيان،وأعوذُ اللهم برضاك من سَخَطِك، وبمعافاتك من عقوبتك،وأعوذ بك من فتنة القول والعمل، وشرة اللسن،ومعرة الَّلكن.
والصلاة والسلام على خير الأولين والآخرين، إمام المتقين والمبعوث رحمة للعالمين، من بلغ الرسالة، وأدى الأمانة ونصح الأمة،فقامت به الحجة واستبانت المحجة.
وبعد: فإن الله تبارك اسمه وتعالى جده وتضاعف شكره وحده، قد قرن بين الإيمان والعمل في أكثر من خمسين موضعاً من القرآن الحكيم، مبيناً أنْ لا حقيقة ولا تصور لإيمان صحيح بلا عمل صالح،والإقرار بالشهادتين مع ترك العمل لم يكن معروفاً ولا معهوداً في زمن الصحابة،ولهذا لم يجد المنافقون بُدا من إظهار العمل والتدين به، وهذه الحقيقة الإيمانية أعني ارتباط العمل بالإيمان وضرورته تضافرت عليها نصوص الكتاب والسنة،وأجمع عليها سلف هذه الأمة.
قال تبارك وتعالى: ? وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً ? () وقال سبحانه: ? إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الدَّرَجَاتُ الْعُلا (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تحتها الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى ? () وقال تعالى: ?فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً? () وقال تبارك وتعالى: ?إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً ? () وقال تعالى: ? وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً ? ().
و يقول جل وعلا في ندم من ترك العمل الصالح: ? حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ إرْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ? ().
وهكذا كان العلماء يتواصون بالعمل والصبر عليه قال تعالى: ? وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ ? ().
ثم اعلم رحمني الله وإياك: أن الناس كانوا ينقسمون على عهد النبوة إلى ثالث أقسام،مؤمن مظهر للإسلام مبطن للإيمان، وكافر مظهر للكفر مبطن للكفر، ومنافق مظهر للإسلام مبطن للكفر.
وأما الصحابة ذلك الجيل والرعيل الأول ?، إنما كان حالهم الطاعة في المنشط والمكره،والصبر في الرخاء والشدة،و الحرص على العمل والمبادرة إليه.
ومازال الإيمان يدفعهم إلى العمل، ويكمل ويزداد في قلوبهم، فما قبض الله تعالى نبيه وصفيه من خلقه إلا والصحابة أهلاً لحمل الأمانة، ونشر الرسالة والقيام بأمر الدين كله.
فاجتثوا جذور المرتدين،ثم أسقطوا قطبي العالم آن ذاك، دولتي فارس والروم، فركبوا إليها البر والبحر، و أُنفقت كنوز كِِسرى وقيصر في سبيل الله عز وجل، وأصبح الراكب يسير من خُرسان إلى الأندلس لا يخاف إلا الله،ودفع ملوك الأرض الجزية عن يدٍ وهم صاغرون،وخمدت نار المجوس وخنست نواقيس و صلبان النصارى،وقضي بالذلة والصغار على اليهود،وظهر أمر الله وأعداؤه كارهون.
¥