تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أقوال العلماء في الرسالة المنسوبة إلى شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في الجهاد.]

ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[16 - 08 - 03, 02:02 ص]ـ

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فقد نُشر لقاء مع أحد الباحثين الفضلاء في إحدى الصحف أثبت فيه رسالة "قاعدة في قتال الكفار .. " لشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- بدليل أن البعض قد نسخها ولم يُنكر نسبتها للشيخ، ثم استنبط منها –كما يقول-: "أن شيخ الإسلام –رحمه الله تعالى- خلص بما تقدم في هذه الرسالة المهمة ووضحه فيها: أن قتال الكفار وجهادهم لا لأجل الكفر ذاته، وإنما هو الدفاع عن الدين. أي أن الإسلام في أصله دفاعي وليس هجومياً"!

ونحن لا ننازعه في صحة نسبة هذه الرسالة من عدمها لشيخ الإسلام؛ لأن هذا أمر يخضع للأدلة، مما تختلف فيه أنظار الباحثين. إنما ننازعه في هذا الفهم "الخاطئ" لكلام شيخ الإسلام بأنه لا يرى "جهاد الطلب"!! وهو في ظني ما حدا ببعض العلماء أن ينكروا نسبة تلك الرسالة إليه –بشدة- دفعاً لمثل هذا الفهم الذي روج له دعاة العصرانية في هذا الزمان، وألصقوه زورًا بشيخ الإسلام.

وقد استند من نفى هذه الرسالة إلى عدة أمور –تستحق التأمل-:

الأول: ما يلاحظه الباحثون من كثرة الكذب والتزوير على شيخ الإسلام –رحمه الله-، سواء في رسائله أو فتاواه، إما من خصومه –وما أكثرهم! -، أو ممن يريد الترويج لأفكاره مستغلاً اسم الشيخ العَلَم. فقد نُسب إليه على سبيل المثال: ديوان شعري، ودعاء لختم القرآن، وفتوى بحياة الخضر، وفتوى القول بالتجسيم التي افتراها ابن بطوطة .. وغير ذلك. مما يجعل المنصف لا يتعجل بنسبة شيء للشيخ –رحمه الله- ما لم يتوثق من ذلك، لا سيما وقد أنكر هذه الرسالة كبار العلماء في هذا الزمان؛ وعلى رأسهم الشيخ سليمان بن سحمان، ومفتيا الديار السعودية: الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبد العزيز بن باز –رحمهم الله جميعاً- كما سيأتي إن شاء الله.

فلابد لمن يريد إثبات الرسالة بعد هذا أن يتحقق من: وجود سند لها إلى شيخ الإسلام، أو وجودها مكتوبة بخطه، أو إثبات تلاميذه والمهتمين بكتبه لها. وهي أمور لم تتحقق –حسب علمي- إلى الآن.

الثاني: أن المتأمل في الرسالة يلمح فيها نوع تصرف أو اختصار، لما يجده من مثل هذه العبارات التي تتكرر بين صفحاتها، "ثم ذكر" "ثم تكلم" "إلى أن قال" (انظر: ص119، 125، 127، 128، 136، 137 من نسخة الفقي)

ولهذا علق الشيخ محمد بن مانع –رحمه الله- في هامش نسخته عند مروره بأحد هذه المواضع: "يستفاد منه أن في الكلام اختصاراً" (1)

الثالث: أن لشيخ الإسلام –رحمه الله- كلاماً آخر في رسائله الثابتة عنه يخالف ما فهمه البعض من هذه الرسالة؛ وهو أنه ينكر جهاد "الطلب"، -سيأتي بعضه إن شاء الله-.

إذن: فبعض الذين أثبتوها وفرحوا بها! زعموا أن شيخ الإسلام لا يرى جهاد "الطلب" في هذه الرسالة.

والذين أنكروها أرادوا دفع هذا الزعم المغلوط الذي يعارض النصوص الشرعية، ويعارض كلام شيخ الإسلام الآخر.

والصواب –في ظني- أن يقال: بأنه حتى لو قيل بثبوت هذه الرسالة (2) فإنه ليس فيها ما ينفي جهاد "الطلب" كما تصور البعض ممن لم يفهموا مقصد شيخ الإسلام منها، فخلطوا بين أمرين.

فشيخ الإسلام قد أنشأ هذه الرسالة للرد على قول فقهي ضعيف يقول أصحابه بأن قتال الكفار هو لأجل "كفرهم"، ولهذا فهؤلاء يرون قتل "كل كافر" سواء كان قادرًا على القتال أو عاجزاً عنه، وسواء كان مسالماً أو محارباً، وسواء كان من الرهبان أو لم يكن، وسواء كان شيخاً كبيراً أو شاباً فتياً.

ولا يستثني هؤلاء من القتل إلا الصبيان لعدم بلوغهم، وكذا النساء؛ لأنهن يصبحن سبياً بنفس الاستيلاء عليهن؛ فهن كالمال.

ولهذا قال –رحمه الله- في أول هذه الرسالة مبيناً سبب كتابتها:

"فصل في قتال الكفار:

هل هو سبب المقاتلة أو مجرد الكفر؟

وفي ذلك قولان مشهوران للعلماء:

الأول: قول الجمهور، كمالك، وأحمد بن حنبل، وأبي حنيفة وغيرهم.

الثاني: قول الشافعي وربما علل به بعض أصحاب أحمد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير