ومن أحسن ما علمت من الشروح التي التزم أصحابها ذكر الدّليل وما فيه من ضعف , مع قلة الكلام , كتاب مسالك الدلالة في شرح متن الرسالة للشيخ أبي الفيض أحمد بن محمد الصديق , فإنه على اختصاره كاف في معرفة أدلة الأقوال , مع التنصيص على درجة الأحاديث التي يوردها غالباً , يذكر ما قاله العلماء فيها , فهو لم يكتف بمجرد الاستدلال كيفما كان الدليل , وأذكر هاهنا بعض الأمثلة عنه:
1 - فإنه حين ذكر قول ابن أبي زيد – رحمه الله -:" ويقف الإمام في الرجل عند وسطه , وفي المرأة عند منكبيها " , وهو خلاف ما في الحديث , ذكر معتمد هذا القول المشهور عند المالكية , وهو ما رواه سحنون بسنده إلى ابن مسعود مرفوعاً , وفيه الحكم المذكور من فعله صلى الله عليه وسلم , ثم قال:" وإسناده ساقط , إسماعيل بن رافع متروك , والرجل مجهول , وإبراهيم (يعني النخعي) لم يدرك ابن مسعود , والثابت من الأحاديث خلاف هذا , وقد ادعي أن ما نقل عن النّبي صلى الله عليه وسلم خاص به , وهي دعوى بلا دليل , وأفعاله كلها تشريع , مالم يقم دليل على الخصوصية. (مسالك الدلالة في شرح متن الرسالة: 100)
2 - وعند قوله: " والسّلام من الصّلاة على الجنازة تسليمة واحدة خفية للإمام والمأموم " وقال:" لورود ذلك عن علي وابن عباس وابن عمر ووائلة بن الأسقع موقوفاً , أخرج آثارهم ابن أبي شيبة في المصنف , ورواه أبو أمامة بن سهل بن حنيف عن رجال من أصحاب النّبي صلّى الله عليه وسلّم , أخرجه ابن وهب , بل روى الجوزجاني عن عطاء مرسلاً أن النبي صلى الله عليه وسلم سلّم على جنازة تسليمة واحدية , لكن يعارضه حديث عبد الله بن أبي أوفى المتقدم , وفيه أنّه سلّم عن يمينه وعن شماله , وقال: هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم , صححه الحاكم , وزعم ابن القيم أنّ التسليمتين انفرد بها شريك عن إبراهيم الهجري , وأن المعروف عن ابن أبي أوفى أنه كان يسلم واحدة. (مسالك الدلالة في شرح متن الرسالة: 100 و 101).
2 - وفي قوله: " ثم تقول السلام عليكم تسليمة واحدة ,,, " , قال بعد أن أورد حديث التسليمة الواحدة وأقوال العلماء فيه التي من بينها تضعيف الباجي وابن عبد البر له – وهما مالكيان – قال:" وروى ابن وهب وغيره عن مالك التسليمتين وهو الذي كان يأخذ به مالك في نفسه , ورجحه جماعة وهو الصحيح لتواتره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقد ورد عنه من حديث سبعة وعشرين صحابياً ,,, والجواب عن أحاديث التسليمة الواحدة أنها ضعيفة كما سبق , وما ثبت منها لا يقابل المتواتر القطعي , على أنها لو صحت كهذه , لما كان بين الفعلين تعارض , فالواحدة لبيان الجواز , والإثنتان لبيان الأكمل الأفضل , ولذلك واظب صلى الله عليه وسلم عليهما) (مسالك الدلالة في شرح متن الرسالة 50 و 51).
(كيف نخدم الفقه المالكي لشيخنا أبي عبدالقادر عابدين بن حنفية)
والله أعلم
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[15 - 08 - 08, 09:31 م]ـ
جزاكم الله خيرا ...
ـ[عبدالرحيم الجزائري]ــــــــ[15 - 08 - 08, 10:40 م]ـ
بارك الله فيكم ...
مع الاعتراف بأن "مسالك الدلالة"للغماري من أكثر الشروح ايرادا للأدلة، فإنه لايصح اعتماده لمعرفة المذهب:
- من جهة أن الرجل لم يكن متعمقا في المذهب المالكي
- من جهة الصناعة الحديثية، فإنه معروف بالتساهل
هكذا أخبرني الشيخ / أبو عبد الباري عبد الحميد العربي - حفظه الله -، وهو من المتخصصين في الفقه المالكي ....
وله شرح على الرسالة بعنوان (غاية الأماني) يقع في خمسة أجزاء ... - يسر الله إتمامه -
والشيخ - حفظه الله - يوصي كثيرا بالعناية بالرسالة، وشرحها (الفواكه الدواني) للنفراوي، ويقول أن الطالب لا بد له من البحث و التنقيب لمعرفة الأدلة، - والسبب معروف وهو ما ذكره الأخ عبد القادر - ....
و سألته مرة عن كتاب (مدونة الفقه المالكي و أدلته) للصادق الغرياني، فقال: "يستفاد منه، وحبذا الرجوع إلى الكتب التي يحيل إليها المؤلف" ..
ـ[ابو ز كريا الجزا ئري]ــــــــ[16 - 08 - 08, 01:37 ص]ـ
مارأيكم في نظم الرسالة المسماة بالباكورة
هل تنصحون بحفظها
ـ[محمد أسامة علي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 01:56 م]ـ
عليك بالمذهب المنتشر في موطنك
ماذا عن من يقيم في الغرب حيث لا يوجد مذهب معين ولا مشايخ متفرغين فكيف يختار بين مذهبي مالك وأحمد؟
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 03:10 م]ـ
بارك الله فيكم ...
مع الاعتراف بأن "مسالك الدلالة"للغماري من أكثر الشروح ايرادا للأدلة، فإنه لايصح اعتماده لمعرفة المذهب:
- من جهة أن الرجل لم يكن متعمقا في المذهب المالكي
- من جهة الصناعة الحديثية، فإنه معروف بالتساهل
هكذا أخبرني الشيخ / أبو عبد الباري عبد الحميد العربي - حفظه الله -، وهو من المتخصصين في الفقه المالكي ....
وله شرح على الرسالة بعنوان (غاية الأماني) يقع في خمسة أجزاء ... - يسر الله إتمامه -
والشيخ - حفظه الله - يوصي كثيرا بالعناية بالرسالة، وشرحها (الفواكه الدواني) للنفراوي، ويقول أن الطالب لا بد له من البحث و التنقيب لمعرفة الأدلة، - والسبب معروف وهو ما ذكره الأخ عبد القادر - ....
و سألته مرة عن كتاب (مدونة الفقه المالكي و أدلته) للصادق الغرياني، فقال: "يستفاد منه، وحبذا الرجوع إلى الكتب التي يحيل إليها المؤلف" ..
جزاك الله خيرا و هل الشيخ المذكور جزائري؟ و هل أول الشرح مطبوع؟ أفدني جزاك الله خيرا ..
¥