وسبق في الفصل قبله كلام القاضي وقال ابن الجوزي قيل لأحمد: ما تقول في رجل جلس في بيته أو مسجده وقال: لا أعمل شيئا حتى يأتي رزقي؟ فقال أحمد هذا رجل جهل العلم أما سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم {إن الله جعل رزقي تحت ظل رمحي} وقال حين ذكر الطير {تغدو خماصا وتروح بطانا} وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجرون في البر والبحر ويعملون في نخلهم , والقدوة بهم وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله ليس العبادة عندنا أن تصف قدميك وغيرك يتعب لك ولكن ابدأ برغيفك فاحرزهما ثم تعبد.
وروي أن لقمان الحكيم عليه السلام قال لابنه يا بني استعن بالكسب الحلال فإنه ما افتقر أحد قط إلا أصابه ثلاث خصال: رقة في دينه وضعف في عقله وذهاب مروءته , وأعظم من ذلك استخفاف الناس به , وسئل الإمام أحمد ما يلين القلب؟ فقال أكل الحلال , فسأل السائل بشر بن الحارث وعبد الوهاب الوراق رحمهما الله فقالا يذكر الله , فذكر لهما أحمد فقالا جاء بالأصل.
وقال الحسن بن علي أبو محمد البربهاري الحنبلي الإمام في كتابه شرح السنة في أثناء كلامه ولا تقل أترك المكاسب وآخذ ما أعطوني لم يقل هذا الصحابة ولا العلماء رضي الله عنهم إلى زماننا هذا وقال عمر رضي الله عنه كسب فيه بعض الدنية خير من الحاجة إلى الناس انتهى كلامه.
قال المروزي سألت أبا عبد الله عن شيء قال لا تبحث عما لا تعلم فهو خير.
وروى الخلال عن سفيان أنه قال أما بيع في السوق فهو موسع لك إلا أن تعلم شيئا حراما بعينه , ولا أرى التفتيش عن هذه الأشياء وروى الترمذي وحسنه وإسناده ثقات عن الحسن عن أبي سعيد مرفوعا {التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء} قال ابن المديني الحسن لم يسمع من أبي سعيد وكذا قال أبو بكر البزار روى عنه حديثين أو ثلاثة ولم يسمع منه.
وروى أبو بكر بن مردويه
عن ابن عمر مرفوعا {إن الله يحب العبد المؤمن المحترف} وروى ابن أبي الدنيا في كتاب إصلاح المال عن ابن عباس مرفوعا {طلب الحلال جهاد وإن الله يحب العبد المؤمن المحترف}. وبإسناده عن [ص: 278] أنس قال {ذكر شاب عند النبي صلى الله عليه وسلم بزهد وورع فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن كانت له حرفة} وبإسناده عن الحسن قالوا يا رسول الله {أي الأعمال أحب إلى الله قال كسب الحلال وأن تموت ولسانك رطب من ذكر الله} وبإسناده عن نعيم بن عبد الرحمن مرفوعا {تسعة أعشار الرزق في التجارة}. وبإسناده عن عمر قال ما خلق الله موتة أموتها بعد القتل في سبيل الله أحب إلي من أن أموت بين شعبتي رحل أضرب في الأرض أبتغي من فضل الله. وبإسناده عن عمر يا معشر القراء ارفعوا رءوسكم فقد وضح الطريق واستبقوا الخيرات ولا تكونوا عيالا على المسلمين وبإسناده عن سعيد بن المسيب قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجرون في بحر الروم.
وسبق الكلام في الزهد في الدنيا وذمها قبل فصل آداب المصافحة قال ابن الجوزي قد جاء في الحديث {من طلب العلم تكفل الله برزقه وإنما يذهب الدين الشره وقلة القناعة}.
وقال الثوري لأن أخلف عشرة آلاف درهم يحاسبني الله عليها أحب إلي من أن أحتاج إلى الناس قال ابن الجوزي وقد أخذ هذا المعنى الشاعر فنظمه:
لأن أمضي وأترك بعض مالي يحاسبني به رب البريه
أحب إلي من وقع احتياجي إلى نذل شحيح بالعطيه
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قال لأبي عثمان النهدي لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته رواه مسلم في فضل أم سلمة وهو عكس ما رأيته في التاريخ عن بعض الناس ورواه أبو بكر بن أبي عاصم عن سلمان مرفوعا وروى أيضا هذا المعنى عن أبي أمامة مرفوعا.
وروى أبو بكر البرقاني في صحيحه حديث سلمان مرفوعا ولفظه بعد قوله: يخرج منها فيها باض الشيطان وفرخ ولم يزد على ذلك.
وروى الترمذي ثنا هناد ثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {لا تستقبلوا السوق ولا تحفلوا ولا ينفق بعضكم لبعض} قال الترمذي حسن صحيح والمحفلة المصراة.
قال ابن الأثير: لا ينفق بعضكم لبعض أي لا يقصد أن ينفق سلعته على جهة النجش فإنه بزيادته فيها يريب السامع فيكون قوله سببا لابتياعها ومنفقا لها. والسوق تذكر وتؤنث سميت بذلك لقيام الناس فيها على سوقهم.
ـ[ثويني الحربي]ــــــــ[26 - 11 - 10, 06:14 م]ـ
بورك في هذا الطرح الطيب
ـ[العصريه للنشروالتوزيع]ــــــــ[29 - 11 - 10, 02:30 م]ـ
بارك الله فيك اخي طارق الحربي ونفع بك وبالمسلمين عامة
ـ[السنهورى]ــــــــ[05 - 12 - 10, 03:18 ص]ـ
الاشاره الى محاسن التجاره وغشوش المدلسين فيها
ابى الفضل الدمشقى - من علماء القرن السادس الهجرى-
تحقيق: محمود الارناؤوط
دار صادر بيروت
- رسالتان فى الكسب:
1 - الكسب - للامام محمد ابن الحسن الشيبانى.
2 - فضل الاكتساب واحكام الكسب واداب المعيشه - للامام على ابن اللبودى.
تحقيق: د: سهيل زكار - دار الفكر بيروت
- البركه فى السعى والحركه- للامام الوصابى.
عده طبعات
وغير ذلك ان راجعت مكتبتى