6 - جاء في (105/ 2): (قال البخاري: حدثنا سنيد، ثنا يحيى بن زكريا ... ). وفي (111/ 2): (قال البخاري: حدثنا سنيد بن داود: ثنا يحيى بن زكريا .. ). وفي (138/ 2): (قال البخاري: حدثنا سنيد بن داود: ثنا حماد بن زيد .. ) وفي (156/ 2): (قال البخاري: حدثنا سنيد: ثنا يزيد .. ).
وظاهر من هذه النقول أنّ المراد ب (البخاري)؛ هو: أمير المؤمنين في الحديث "محمد بن إسماعيل البخاري"، صاحب "الصحيح".
والمحقق - وفقه الله - مر على هذه النقول دون تعليق، في جميع المواضع، ولم يبين من هو "البخاري" المراد في كلام ابن القيم، فلو كان هو الإمام المعروف، لخرّج هذه الآثار من "صحيحه"، ومن كتبه الأخرى، أو يقول لم أجد هذه الآثار فيما طبع من كتبه. والذي دعاني لتأمل هذا أمور؛ منها: أنه خرّج هذه الآثار من مصادر عدة، ولم يأت بمصدر واحد للبخاري في تخريج هذه النقول، ولم يقل من هو المراد ب (البخاري) هنا.
يقول عبدالله الشمراني: الذي وصلت إليه في هذا الأمر أن ابن القيم نقل هذه الآثار من "جامع بيان العلم" لابن عبدالبر (2007، 2069، 2070، 2071) (ط. دار ابن الجوزي)، وقد ساق هذه الأسانيد هكذا: ( ... حدثنا عبدالملك بن بحر (أبجر): ثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا سنيد .. ). ولم يقل: (ثنا البخاري) في واحدٍ منها. وروى هذه الأحاديث عنه ابن حزم في "الإحكام" (52/ 6)، ولم يقل (البخاري)، بل ساقه كما في مصدره: (محمد بن إسماعيل: ثنا سنيد .. ).
والسؤال الآن:
هل محمد بن إسماعيل هذا هو الإمام البخاري؟
أو أنّ ابن القيم رأى هذا الإسناد فظنّ أن محمد بن إسماعيل هو البخاري، فكتب ذلك في كتابه؟
أو أنّه كتب في كتابه محمد بن إسماعيل، وتصرف النساخ في ذلك، وكتبوه "البخاري" اجتهاداً منهم؟
والمسألة بحاجة إلى تأمل، لما يأتي:
(1) عدّد المزي في "تهذيب الكمال (162/ 12) من اسمه محمد بن إسماعيل من شيوخ سُنيد، ولم يذكر سوى اثنين؛ هما: محمد بن إسماعيل الصائغ، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، ويحتمل أنّ محمد بن إسماعيل الوارد في إسناد ابن عبدالبر أحد هذين الرجلين، والله أعلم.
(2) لم يرو الإمام البخاري عن سنيد هذا، فيما أعلم. فإن كان من شيوخه فلا إشكال حينئذ. أما ما جاء في كتاب التفسير، باب أولي الأمر منكم من: "صحيح البخاري": (البخاري: قال حدثنا سنيد، عن حجّاج ... ). فمن رواية ابن السكن عن الفربري عن البخاري. وقد تفرد ابن السكن بهذه الرواية عن الجماعة. وروى الجماعة هذا الحديث عن الفربري عن البخاري هكذا: (البخاري: ثنا صدقة بن الفضل: نا حجّاج). وقد صوّب العلماء ما رواه الجماعة عن الفربري، دون ما رواه ابن السكن، وقالوا إن سنيداً صاحب كتاب في التفسير، وذكر ابن السكن له في التفسير من الأوهام المحتملة، ولابن السّكن انفرادات في الأسانيد غريبة: (انظر: "تقييد المهمل" (695/ 2 - 696) و (1112/ 3 - 1113)، و"تهذيب الكمال" (165/ 12)، و"فتح الباري" (102/ 8).
(3) في أحد هذه الأسانيد ورد (مجالد بن سعيد الهمداني)، ومعلوم بأنه ليس من "رجال الشيخين"؛ وعليه فليس له رواية في "صحيح البخاري"، مما يؤكد بأن الحديث ليس في "صحيح البخاري".
ولكن يبقى احتمال وجود هذا الحديث في كتب البخاري الأخرى، والتي لم تصل إلينا، احتمال وارد، بشرط أن نطمئن بأن المراد ب "محمد بن إسماعيل"، هو الإمام البخاري.
والمسألة - كما قلت - بحاجة إلى تأمل، والله أعلم.
الخاتمة:
هذا ما ظهر لي خلال تصفحي السريع للكتاب حال صدوره، ولم أقرأه كله؛ وما قلته لا ينقص من قدر الجهد العلمي الذي بذله الشيخ مشهور في تحقيق: "إعلام الموقعين"، ولا غيره من تحقيقاته، بل هذا من باب التواصي بالبر والتقوى.
ومن يمعن النظر في طبعة مشهور ل "إعلام الموقعين"؛ يجدها أحسن الموجود، والجهد العلمي الذي بذله، ظاهر وواضح، أجزل الله له المثوبة، وفقه الله لكل خير، ونحن نعلم أن لديه الكثير من الأعمال ك "سنن الدراقطني" و"خلافيات البيهقي"، وغيرها مما يجعله يتعجل في العمل.
والجدير بالذكر أن "إعلام الموقعين" سيطبع ضمن مشروع تحقيق آثار شيخ الإسلام ابن القيم، بإشراف وتعليق العلامة الدكتور: بكر بن عبدالله ابو زيد حفظه الله، وبالاعتماد على ثماني نسخ خطية جيدة، فلعل من لم يشتر طبعة مشهور، ينتظر حتى تخرج هذه الطبعة، فيميز بين الطبعتين، ويختار الأفضل، ويراعي في اختياره النسخة الأصح متناً، لا الأكثر حواشي وفهارس، وبالله التوفيق.
للتواصل
ص. ب: (103871) - الرياض: (11616)
EMAIL:[email protected]
هذا مقال الأخ الشيخ عبد الله الشمراني
حتى لا يلتبس الأدب والرد العلمي مع الطعن في النوايا والاتهام والتجريح الذي ليس فيه إلا الإنشاء الذي يحسنه كل أحد
إلى الديان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم
ـ[رمضان أبو مالك]ــــــــ[22 - 05 - 07, 05:29 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
( .. فإن الظنَّ أكذبُ الحديث)
وأنا قلتُ - تأسِّيًّا بالنبي الكريم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - -: لا أظُنُّ!!
¥