لقد كانت هذه الرغبات من أهلي، ومثلها مع أبناء حيي .. حافزًا لي على أن أقوم بأعمال فيها الجرأة والإقدام، وأحيانًا التضحية والمغامرة والإيثار والإسراف!! فشاركت في مقاومة فرنسا بالحجارة سنة 1973 وبابارود والنار سنة 1945، وبعدها في فلسطين تحت راية زعيمين مجاهدين كبيرين، الحاج أمين الحسيني، والدكتور مصطفى السباعي، واستمرت مشاركتي من سنة 1946 إلى 1949 قبل الحوادث وبعدها في مهمات متنوعة ... مما ذكرت بعضه في (ذكرياتي المحكية) وهذه السنوات قضت على آخل أمل لي بمتابعة الدراسة معن أنني التحقت بعدد من الجامعات، ولكنني لم أتم شيئًا منها ولا الحصول على شهادات مما يسمى (جامعي) ولكنني نميت الصلة بالعدد الكبير من أفاضل أهل العلم، وحصلت على إجازات ودراسات ممن قارب عددهم المئة، وعندي من بعضهم إجازات خطية هي محل اعتزازي، وما زلت حتى اليوم (طالب علم).
كما قمت بالمشاركة في الأعمال الخيرية والاجتماعية والسياسية مدة من الزمن، ولم أكن فيها الأول، ولا الأخير، وإنما يتراوح مكاني بين الثالث والرابع في كل تجمع.
وشاركت في تأسيس التعليم الحديث في دولة قطر، وقدر الله بفضله أن أُقَدَّم وأُقَدَّر من حكامها ورجالاتها، مما مكننا أن ندخل في المناهج ما هو نافع وضروري، وتثبيت تعليم الإناث، ونشره بين أبناء البادية، وكنت أول من عين من دائرة المعارف ورئاسة المحاكم الشرعية لإنشاء المعهد الديني في قطر، وزرت المملكة للإفادة من المعاهد والكليات، وأيامها توثقت صلتي بعدد كبير من العلماء ومنهم: المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم وأخويه الشيخ عبد اللطيف والشيخ عبد الملك، والشيخ عمر بن حسن، والشيخ عبد الله بن حميد، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، والشيخ عبد العزيز بن باز، والأديبين الكبيرين حمد الجاسر وعبد الله بن خميس وغيرهم.
وأصبحت همزة الوصل بين العلماء والحاكم ورجالات العشائر، وأحيانًا كنت سفيرًا خاصًا بين بعض الملوك والرؤساء، وأجرى الله على يديَّ الكثير من إيصال خيرات المحسنين إلى مستحقيها وفي حل الكثير من المشكلات.
وقد شاركت في تأسيس مكتبات الشيخ علي آل ثاني في قطر والأحساء ولبنان وساعدت غيره على إنشاء مكتبات عامة وخاصة، وفي طبع الكتب وتوزيعها على العاهد والطلاب وأهل العلم.
العمل العام:
وبعد أن رجعت إلى دمشق، وقامت الوحدة مع مصر، رفضت الدخول في تنظيماتها مع عدد من أهل العلم والرأي، غير أننا شاركنا في كل ما ينفع البلاد، ويثبت وحدة بلاد العرب في وجه الهجمة الشرسة علينا ـ ورأسُ حربتها الصهيونية ـ ونالنا من جزاء ذلك الكثير من العنت.
غير أننا عملنا في رفع العديد من المظالم عن الشعب، ومن ذلك منع الإدارة المحلية التي كان المراد منها تجزئة البلاد، وتمكين الأوضاع الجاهلية والعصبية والطائفية في عدد من المحافظات.
وكذلك إبقاء دروس الدين في الشهادات العامة كلها، وقد تولى قيادتنا ودفع العلماء للتأييد أستاذنا الطنطاوي، والذي تولى التنبيه له الأستاذ الباني.
ثم انتخبت نائبًا عن دمشق سنة 1961 ميلادية مع أن إقامتي في بلدي كانت قليلة، وكانت لقيادتنا الحكيمة الشجاعة المواقف المشرفة.
ومما يمكن أن يذكر الآن:
نجاحنا في منع الربا من قانون الإصلاح الزراعي، وهو أول منع للربا في جميع المجالس النيابية قاطبة.
وتعطيل اقتراح إقامة النصب والتماثيل، واقتراح مشاركة العدد الفائض من الجند عن حماية الحدود، في الأعمال النافعة مثل: الزراعة، والصناعة، والنقل، وإعمار المساكن الشعبية لذوي الدخل المحدود، وإقامة السدود .. الخ.
وخلال تنقلي وإقامتي في مختلف البلاد بعيدًا عن وطني، كنت ألقى الإكرام والمواساة حيث ذهبت وحللت، بل أدعى للمشاركة في الأعمال العامة على أوسع نطاق، وكأنني من أهل البلاد، وهذا تكرر في فلسطين، ولبنان، والمملكة السعودية، ودول الخليج. والله أسأل أن يحسن مثوبة كل من حسن ظنه بي، وتفضل علي.
وأسست " المكتب الإسلامي ـ للطباعة والنشر " وبفضل الله كان هذا العمل مدرسة في التحقيق والنشر تعتبر الأولى في بلاد الشام لولا سبق الأستاذ الفاضل أحمد عبيد تغمده الله برحمته في القليل مما نشر.
¥