* بل إن الشيخ رحمه الله تعالى في طعامه لا يأكل إلا مع الفقراء! دائماً في سفرته لا يأكل إلا مع الفقراء!! حتى ضاق ذرعاً بعض الأغنياء والوجهاء وقالوا لمن حول الشيخ: كلموا الشيخ بأننا نريد الشيخ أن يجعل طعام للفقراء، وأن يجعل طعام للخاصة ونجلس معه، ونتحدث معه!
فغضب الشيخ رحمه الله تعالى لذلك غضباً، ثم قال: الذي لا يعجبه وتأبى نفسه أن يأكل مع الفقراء ليس بمجبور! ما جبرنا أحد، يخرج يأكل مع أهله، أما أنا فلن أغير من طريقتي شيئاً!!
* هل لك أن تتعرف على قمة كرم الشيخ!!!
قمة كرم الشيخ رحمه الله تعالى أنه أباح الناس كلهم، قال رحمه الله تعالى: ظهري حلال لكل مسلم.
وكما تقدّم، حينما قال له السائل أن فلانا يقول عنك أنك مبتدع، قال: هو مجتهد!!
وكما قال صاحب بازية الدهر:
وحاتم في عطاياه وجودته………… .. في بحركم لا يساوي عشر مثقالي
الشاهد: يقول الشيخ محمد الموسى ـ وكان مرافقاً له ـ: فعدنا إلى مكة في الساعة الثانية من الليل، وكان الشيخ من عادته أن يقوم لصلاة الليل الساعة الثالثة، وكان يوقظنا إذا قام، قال: فظننا أنه في هذه المرة لن يستطيع؛ لأنه من الصباح وهو يعمل!
قال: فنمنا، فلما كانت الساعة الثالثة فإذا الشيخ يوقظنا لصلاة الليل، أي كان نومنا ساعة واحدة! فقام وصلى، ولم ينتهِ الأمر هكذا! فلما صلى الفجر جلس للدرس، فقلت: الشيخ سينام نومة عميقة، فقال لي يا شيخ محمد: ركّب الساعة على الثامنة وثلث! فنمنا ثلثي ساعة، ثم قمنا وقرأنا عليه المعاملات إلى الظهر!!
* ومرة أخرى، دعي إلى مركز إسلامي، وكان هذا المركز متعدد الأدوار، فطُلب من الشيخ أن يصعد إلى الدور العلوي! فصعد الشيخ، ثم لما نزل، كأنه اتضح عليه بعض التعب، فقيل له في ذلك، قال: لا، أليس هذا في سبيل الله؟! أليس هذا في سبيل الله؟!!
* في آخر أيام الشيخ، وهو في المستشفى العسكري في الطائف، كانت تقرأ عليه الكتب، حتى أنه في الساعات الأخيرة له رحمه الله، أمر من عنده أن يقرأ عليه كتاب فتح المجيد!
فدخل عليه الشيخ محمد الموسى ليطمئن على صحته، فقال له الشيخ: ماذا معك؟ هات ما عندك؟ قال: ما معي الآن شيء، عندي كتاب فتاوى اللجنة، المجلد الثاني عشر، خرج من المطبعة، وبعض المعاملات، وإني تركتها في السيارة، وما قدمت إلا للاطمئنان على صحتك، فقال الشيخ: ارجع وهاتها! قال: فجئت وقرأت عليه من فتاوى اللجنة أكثر من أربعين صفحة!! ثم بدأنا في المعاملات!!
* الاهتمام البالغ بالكتب *
* ذُكِر له " المفهم في شرح صحيح مسلم " للقرطبي، فقال: هل طبع هذا الكتاب؟
قالوا: نعم.
قال: ائتوني بنسخة.
* مواقف تربوية مع التلاميذ والعلماء *
* جاء أحد الطلبة ـ مبتدئ في طلب العلم ـ وبدأ يقرأ على الشيخ رحمه الله تعالى، ويلحن لحناً جلياً، وكان الشيخ يعدل له، ويلحن والشيخ يعدل، ويذهب الوقت كله في تعديل القراءة وتصويبها، قال الشيخ له ـ دون أن يغضب ـ: ما اسمك؟ قال: صقر، قال الشيخ: كن صقراً كاسمك! الصقر ما يحتاج من يعلمه!
* فالشيخ ما كان يؤنب أحداً، وأعظم كلمة سمعت منه خلال الدرس في الأعوام كلها: أنه كان مرة في الدرس يشرح - يقرأ عليه الحديث فيشرح - وكان ممن حضر الدرس أحد المتعالمين أو ناقص عقل؛ المهم كان كلما انتهى الشيخ من الشرح علق هذا الحاضر, وزاد التعليق!! فالشيخ ما احتمل هذا فقال: يا هذا الدرس لي وليس لك!
يعني إن كنت تريد أن تدرس فافتح درس ثاني، وهذه أعظم شدة وكلمة سمعوها من الشيخ رحمه الله.
* إذا قرأ عليه القارئ ولحن، لا يعدل أو يصوب، بل يقول: أعد .. أعد، حتى يتنبه التلميذ إلى الخطأ من نفسه، فإن لم يتنبه نبهه، لا سيما وأن الذين يقرأون هم من أصحاب الفضيلة العلماء.
* جاء رجل أعجمي، فأراد أن يقرأ على الشيخ كتاب التوحيد، فأذن له، فكان الشيخ يعلمه كما في الكتاتيب، حرفاً حرفاً، إلى أن انتهى الكتاب! حلم واسع!!
* كان يطلب من الطلاب البحوث، ويقول: من يبحث هذا وندعو له.
* وكان يواسي طلابه ويعرف المحتاجين منهم. حتى أن أحد الطلاب انقطع، ثم كتب للشيخ رسالة شديدة اللهجة، قرأها عليه الشيخ محمد الموسى، فرد عليه الشيخ وقال: والله ما علمنا بحالك، وإننا نعتذر، واعتذر الشيخ وكأنه هو المخطئ!
¥