2) أن هذه وجهة نظري الخاصة، ومن يقتنع بها من القراء طلبة العلم، فكما أنك طرحتَ وجهة نظرك وصوَّبتَ وخطَّأتَ، فكذلك فعلتُ، وللقارئ الحُكم والاختيار، فلا أنا ولا أنت سنتحكم برأيه.
3) والأمر في النهاية سهل، ما دام عملك لم يخرج بعد، فمجال الاستدراك مفتوح.
4) أنني أتمنى لطبعتك أن تكون أفضل طبعات الكتاب دقة وإتقانا وخدمة، خدمة لدين الله، وإفادة (جديدة) لطلبة العلم والمهتمين.
وكل هذه النقاط سبقت في كلامي، فدقق في ردودي ترها.
ولديَّ توضيح حول قولك أخي:
[لكني أتعجب من شحك بالموافقة على وصف ما ذكرته في اختصار ((نا)) ذهولا مني , وإصرارك على أنه خطأ منهجي. وكأن مثل هذا – وأكبر منه – لا يقع إلا على الوجه الذي ذكرت.
كما أتعجب من إصرارك على تسويغ حكمك الجائر المبني على نقطة صغيرة جعلتَها خطئا منهجيا.]
فأقول:
1) قد أسهبتُ سابقا في بيان (لماذا) اعتبرتُ الخطأ منهجيا، وليس (مجرد) ذهول، فارجع لقراءة كلامي بتأن وتأمل تجده، فلا داعي للإعادة الآن، ثم تمهل قليلا وأعد النظر تجد أنني حكمت بسبب (ثلاث) نقاط، لا واحدة فقط، ولن أتهمك بمحاولة (اختزال) الموضوع في نقطة واحدة، كما فعلت معي!
2) وأزيد الآن لتعلم أنني كنت أتحرى تلطيف العبارة مع فاضل مثلك (والصراحة راحة): كيف لي أن أثق -كمهتم بالتراث- بعلمية وخبرة محقق لم يعلم خطأ ( .. مثل هذا!) إلا في 17 محرم 1425 وهو خطأ بدائي في (علم تحقيق المخطوطات ومصطلحات كتابتها) فضلا عن (مصطلح الحديث)، ثم هذا المحقق قد تصدى (قبل!) ذلك التاريخ لتحقيق تراث أئمة السلف في مسائل دقيقة، ويرد وينتقد ويخطّئ؟!
3) ثم قولك يا أخي: [وأكثر الملاحظات التي أبديتُها في تحرير النص لا تحتاج إلى مطالعة الأصل الخطي؛ إما لظهور ذلك , أو لأن المحقق قد ذكر ما في الأصل في الحاشية.] يجعلني أجزم بأنه خطأ منهجي، إضافة لهذا الخطأ المنهجي الجديد! فكيف يقول (محقق!) هكذا كلام؟ بل الديانة والأمانة والدقة أنه لا يمكن الخوض والتخطئة والتصويب إلا بوجود المخطوط بين يدي الناقد! (ووالله) لو كان عندي لم أمتنع من الاستفادة والإفادة في هذه الملاحظات، وتعليلك ليس دقيقا أبدا، لأنك ربما تُخالَف في (ظهور ذلك) عندك، وربما تخالَف أنت والشيخ الحفيان في قراءةٍ أو توجيه، ويحتاج الناقد للاطلاع على الخط لدراسة طريقة رسم الناسخ للحروف، وأمور أخرى كثيرة يعرفها أهل الشأن، بل ذهب بعض كبار المحققين إلا أن وجود (صورة) من المخطوط لا يكفي في التحقيق الدقيق، بل (يتعين) الوقوف على المخطوط الأصل إن أمكن أو صورة ملونة دقيقة، ولذلك كثير من الجامعات تشترط الوقوف على المخطوط عند تحقيقه، ولو كلف ذلك السفر إلى بلد بعيد! ثم تجيء يا أخي وتقول ببساطة إنه ما من داع حتى للصورة!!
وأسألك سؤالا صريحا (لفائدتك ومصلحتك والله) لا أشترط جوابه هنا، هل دَرَستَ يا أخي كتابا واحدا في (علم) تحقيق المخطوطات؟
4) وفي النهاية: إن كانت المسألة تعجبا من شح الموافقات، فأنا أتعجب من شحك بالموافقة على النقطة الثانية (الآيات الثلاث) أنها خطأ (أو لنقل: ذهول) بعد هذا التوضيح المبسط جدا جدا! ولكني لم أكتب تعجّبي لأنني لا أتحكم برأيك وموافقتك، فلما تعجبتَ علناً تعجبتُ مثله!!
ولكن لا ينبغي أن تنظر في المسألة بهذا الضيق، بل الإنصاف (الذي أوصيتني به) أن ترى عدد المخالفات والموافقات معا، ثم مدى أحقيتها، وأنا لم (أخالفك) حتى الآن إلا في هذه الثلاث (حصرا) بين سائر نقاطك الكثيرة! فرفقا بي ومهلا!
ولا أظنك تريد من جميع القراء أن يسلّموا (بجميع) ما قلتَه دون أدنى تفكير أو تمحيص! ثم أنت سمحت لنفسك أن تنقد الناس، فاسمح لهم أن ينقدوك! وليتسع صدرك له!
ختاما أخي الكريم: رُبَّ فاضل صالح طيب ممن يُستسقى به لا شأن له في العلم، ورب طالب علم (بل عالم) لا شأن له في التحقيق! ورب فاسق بل ومستشرق كافر إليه المنتهى في هذا الفن، ولذلك نصحتك يا أخي بالتريث، لأنك فاضل فيما يظهر من كلامك، ولا نريد لك أن تقع في مزالق ومؤاخذات تسيء لك مستقبلا، والأمر الآن في يدك، وليس الأمر بعد طبع الكتاب كذلك.
واعذرني إن بدر مني –سهوا- شيء من حدة، لأنني كنت مترددا ومتحيرا معك، فخلقك وأدبك يمنعان من (الشد) عليك، وبعض ما جاء من كلامك أوجب تعقبك وإرشادك ونصحك، فتلطفت بك ورفقت ما استطعت، وثق أنه لو كان غيرك ممن لا يُعرف بالأدب أو العلم لكان الأسلوب مغايرا!
ثم إني قدّرتُ أن الكلام في هذا المكان محدودٌ عدد مطالعيه، وأنه خير لك من أن يكون لدى انتشار تحقيقك في الأسواق.
وما دام أن الموضوع لم يخرج عن باب النصح والأخوة فاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يذهب سخيمة قلوبنا، وأن يوفقنا جميعا لمرضاته، وأن يؤاخينا في جناته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
¥