تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أهمية النظر في ترتيب أوراق الأصول الخطية أثناء التحقيق]

ـ[صلاح هلل]ــــــــ[08 - 03 - 04, 11:04 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، صلِّ اللهم وسلِّم على عبدك ونبيك محمد، وارض اللهم عن آله وصحبه والتابعين.

وبعد:

فقد سألني بعض الأحباب عن ترتيب أوراق الأصل الخطي لابن أبي خيثمة، حيث انتقلتْ منه بعض أوراق عن موضعها اللائق بها، وسأجيب على ذلك الآن جوابا مختصرا، ولعلي أطيل الجواب في وقت لاحق.

وقد وقع مثل هذا الخلل المشار إليه في أكثر من أصل خطي، بل وقع الخطأ في نسبة بعض الكتب لمؤلفين آخرين، لا صلة لهم بها.

ومما يُذكر في ذلك كتاب (فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن)، وقد ذكره المفهرسون لأصله الخطي منسوبا لابن الأنباري، وزاد الطين بلة ما جرى لبعض المحققين حين أراد طبعه منسوبا لابن الأنباري، ولا أدري هل أكمل نشره أم لا؟

بيد أن ابن أبي خيثمة يختلف، فالأمر فيه لا يتعدى انتقال بعض الأوراق عن موضعها الأصلي، وهي أوراق يسيرة جدًا، تراها بأرقامها في مقدمة تحقيق الكتاب (نشر الفاروق الحديثة للطباعة والنشر بالقاهرة).

ومع ذلك فهذه الأوراق المشار إليها قد عادت في التحقيق إلى موضعها الأصلي بناءً على قرائن وملابسات أكيدة، مثل أن يذكر الناسخ في آخر الورقة السابقة بعضا من الورقة اللاحقة، أو يقسم الخبر على ورقتين، ونراه بنصه مرويا من طريق ابن أبي خيثمة، وغير ذلك من القرائن المحيطة التي تدل على حقيقة الأمر.

لكن يُشترط في مثل هذا أن لا ننقل ورقة من مكان لآخر إلا ببينة أكيدة لا تقبل الشك أو التردد، لأنه تراث أمة لا يجوز لنا التلاعب فيه.

ولعل هذا هو السبب الذي يُحتِّم على الناس نقل الأوراق الخطأ إلى مكانها الأصلي، لأن كاتبه ما أراد ذلك، فما ذنبه إذا انتقلت بعض أوراق من أصل كتابه أثناء التصوير، أو الحفظ في دور المخطوطات.

ويبقى الأمر في نهاية المطاف محلَّ نظر واجتهاد، ومثل هذا لا يُنْكر فيه ولا يُشنَّع على فاعله؛ إلا إذا كثرتْ مخالفاته وفشى في التحقيق فساده.

ولعلك بارك الله فيك قد فطنتَ الآن إلى دقة المتقدمين حين تكلموا عن حفظ الكتاب، وبينوا أصول الحفظ والرواية من الكتب ونحو ذلك، ولعلك أيضا قد فطنت إلى أن التحقيق لا يعني مجرد سرد الحواشي وتكثيرها، وإنما يتطرَّق لأبعد من ذلك، والمحقق كالطبيب يُعالج أمر الكتاب من كل ناحيةٍ، سواء من ناحية قضايا الكتاب العلمية أو الأصل الخطي.

بيد أن بعض الناس قد قصر مهمة التحقيق على ضبط النص، وهذا حَسَنٌ أيضًا، وقد سار عليه الناس، واشتهر بينهم، وهو مفيد في إخراج الكتب بثمن وحاشية قليلين، اللهم إلا إن أراد المحقق ضم الأمرين معًا فلا إشكال، وكلا الأمرين موجودٌ وجائزٌ، فلا إشكال إن شاء الله تعالى.

ومما سبق يُعلم الجواب، والله الموفق والمستعان.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صلاح هلل في 16/ 1/1425

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير