تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حيث إن العسل خارج من حيوان، واللبن خارج من حيوان وقد استرشد لرأيه بما

فرق به الفقهاء بين لبن السائمة وعسل النحل، حيث منع أخذ الزكاة من اللبن

الخارج من السائمة على أساس أن أصل الزكاة وجبت في أصل السائمة، بخلاف

العسل، والمفهوم من هذا: أن ما لم تجب الزكاة في أصله تجب في نمائه وإنتاجه،

وبالتالي: قاس ألبان البقر والجمال ونحوها من المنتجات الحيوانية على عسل

النحل؛ فإن كلاّ منهما خارج من حيوان لم تجب الزكاة في أصله [18]، قد أشار

ابن قدامة في المغني إلى ذلك، حيث فرق بين وجوب الزكاة في العسل وعدم

وجوبه في اللبن بقوله: (أما اللبن فإن الزكاة وجبت في أصله وهي السائمة،

بخلاف العسل) [19]، وبهذا فإن قياس منتجات الحيوان بالعسل في وجوب الزكاة

إنما يعود إلى عدة أمور، منها:

1 - أن النحل ليس فيه زكاة كحيوان، إنما الزكاة فيما نتج منه ما دام أن

الزكاة لم تجب في النحل وإنما وجبت فيما نتج منه، فيؤخذ من ذلك قاعدة أصولية:

أن كل ما لم تجب الزكاة في أصله وجبت في نتاجه ونمائه مثل الزرع بالنسبة

للأرض، فالأرض لا زكاة فيها وإنما الزكاة فيما نتج منها .. وهكذا بالنسبة لبقية

الأشياء، وعليه تقاس الأبقار الموقوفة على إنتاج الألبان.

2 - أن سقوط الزكاة في بعض أقوال أهل العلم عن بهيمة الأنعام المعلوفة أو

العاملة واشتراط السوم استند على قاعدة أصولية، وهي: معارضة القياس لعموم

الخطاب في قوله (عليه الصلاة والسلام): (في أربعين شاة شاة) [20]، وقد أوضح

الفقهاء أن السائمة مقصود منها النماء والربح، وهو الموجود فيها أكثر ذلك،

والزكاة إنما هي فضلات الأموال، وفضلات الأموال إنما توجد أكثر في الأموال

السائمة، وبالتالي: فقد خصص القياس عموم اللفظ الوارد في الحديث، وما دام قد

أصبح النماء سبباً في قصر الزكاة على السائمة كما ذكره ابن قدامة بقوله: (وصف

النماء معتبر في الزكاة، والمعلوفة يستغرق علفُها نماءَها، إلا أن يعدّها

للتجارة) [21] فإن تعلّق وصفها بالنماء ليس في ذاتها، وإنما فيما ينتج عن إعلافها، فالعلف إنما يقصد به تحويله إلى لبن، فهي تُعلف من أجل إنماء اللبن، بالتالي: فيتحقق فيها صفة الربح؛ حيث إن الإنفاق عليها بإعلافها قصد منه تحقيق الربح بما تدره من لبن يتحقق به الحصول على الربح، فالنماء حاصل من خلال ما يتحقق من فضلات خارجة عن بهيمة الأنعام، وبالتالي: وجبت الزكاة فيما نتج منها.

نصاب المنتجات الحيوانية:

يتحدد نصاب المنتجات الحيوانية كالألبان وملحقاتها بنصاب العسل؛ لوجود

الرابطة القياسية بين العسل والمنتجات الحيوانية؛ فالنحل حيوان لا تجب في أصله

زكاة، وإنما تجب على ما ينتج عنه، واللبن مثلاً ناتج من البقر ولكن البقر غير

سائمة وغير معدة للنماء بذاتها، فهي أشبه بالنحل، فالزكاة على ما ينتج عنها،

وبالتالي: فتؤخذ الزكاة من إنتاجها، ويتحدد النصاب إذا بلغ قيمة ما يباع بما يعادل

قيمة خمسة أوسق من القمح؛ باعتباره قوتاً من أوسط الأقوات مثل نصاب العسل،

وما قيل عن نصاب العسل ومقداره يقال عن نصاب المنتجات الحيوانية

ومقدارها [22].


(1) المغني، ج 2، ص 713.
(2) أخرجه ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو، ك/ الزكاة، ب/20، وحسنه الألباني، ح/1447.
(3) أخرجه النسائي وأبو داود، واللفظ له، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ح/1415.
(4) أخرجه ابن ماجة، ك/الزكاة، ب/20، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة، ح/1476.
(5) أخرجه البيهقي مطولاً، السنن الكبرى، ج 4، ص 127.
(6) أخرجه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير، ح/ 4252، والزق: جلد يجزّ ولا ينتف، للشراب.
(7) فقه الزكاة، للقرضاوي، ج 1، ص 421.
(8) فقه الزكاة، للقرضاوي، ص 426.
(9) المغني، ج2، ص 714.
(10) المغني، ج2، ص 713.
(11) الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام، ص 598.
(12) المرجع السابق، ص 597.
(13) أخرجه الستة.
(14) بدائع الصنائع، ج 2، ص 13.
(15) فقه الزكاة، ج 1، ص 428.
(16) لمعرفة كيفية تحديد وعاء الزكاة محاسبيّاً: يرجع إلى كتابنا (زكاة الأموال، فقهاً ومحاسبة)، تحت الطبع، عالم الكتب بالرياض.
(17) فقه الزكاة، ص 428.
(18) فقه الزكاة، ص 430.
(19) المغني، لابن قدامة، ج2، ص 714.
(20) أخرجه الخمسة، وصححه الألباني، انظر: صحيح سنن ابن ماجة، ح/1461، وصحيح
سنن أبي داود، ح/1386.
(21) المغني، ج 2، ص 577.
(22) للموضوع دراسات وتحليلات أخرى ستصدر ضمن كتاب قريباً إن شاء الله فنشكر الكاتب
الكريم إيثاره البيان لنشر هذا الموضوع العلمي متمنين له التوفيق والسداد.

ـ[ابو سعد الحميّد]ــــــــ[30 - 07 - 05, 04:28 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طيب بالنسبة للأخوان الذين انتقدوا هل توجد بدائل أفضل؟
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير