تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

للكتاب وليس تحقيقاً له وللأحاديث كما زعمتم.

ثم تتابع الطائفة من الجامعيين (بالطبع هي غير الفئة الباغية) فتقول:

(5 - ومن أهم ما قمنا به: أننا ذكرنا بحثاً في الجهاد، ليأتي الكتاب كاملاً،

فإن الإمام الغزالي لم يتطرق إلى موضوعه على الرغم من خطورته وعظمته ... ).

وبالتأكيد ليس هذا هو كل ما أضافه (المحققون) إلى الكتاب (المفترى عليه)

حتى يكون كاملاً، وإنما هذا الذي نبهوا عليه في مقدمة التحقيق. فقد أضافوا في

ص (186 - 208) بحثاً عن شمائله-صلى الله عليه وسلم-.

وأهمية الجهاد مما لا يخالف فيها مسلم قط، لا تبيح إضافته إلى كتاب

المؤلف؛ (لئلا تختلط جهود العلماء والمحققين؛ فيضيع النسب، وتهدر الحقوق)،

فيمكن المحققين أن يكتبوا كتاباً عن الجهاد وينشروه بأسمائهم - ويأخذوا أتعابه -،

ويبقى الكتاب كاملاً كما وضعه مؤلفه، لا كما أراد حضرات المحققين الماسخين

للكتب.

فإذا جاوزنا المقدمة التحقيقية هذه إلى الصفحة الثالثة من الكتاب (مقدمة

القاسمي -رحمه الله-) نجد تعليقات وتحقيقات غريبة تدعو إلى الاستفهام عن هوية

الجامعيين -كما سبق -؛ ففي متن الكتاب ص 3 جاءت هذه العبارة: ( .. ويكون

وافياً بحاجاتهم (2)، آتياً على جميع كمالياتهم .. )، وقد وضع رقم الإحالة (2)

فوق كلمة: (بحاجاتهم)؛ وفي أسفل الصفحة التعليق التالي: (2 - في الأصل:

حاجياتهم) (!).

وهذا الذي جعلوه في المتن هو الخطأ بعينه، والصواب هو ما حذفوه أو

أنزلوه مكاناً ومكانةً إلى الحاشية؛ فإن (الحاجيات) نسبة إلى (الحاجّي) لا إلى

(الحاجة)، وهي متسقة مع السياق بدليل ما بعدها وهو قول القاسمي: (آتياً على

جميع كمالياتهم). ولكن جزى الله العجلة والتبجح كلَّ شرٍّ.

وفي الصفحة التي تليها، بعد صفحة فارغة، جاء في الكتاب: ( .. وأما

الأخبار؛ فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم -:» من يراد (هكذا، وهو خطأ

مطبعي صوابه: يُرِدْ) الله به خيراً يفقهه في الدين ويلهمه رشده «مع إحالة رقم

(1)؛ ثم يقول في الحاشية:

(1 - ولفظ الحديث كما في البخاري ومسلم:» من يرد الله به خيراً يفقه (كذا) في الدين «، دون زيادة: (ويلهمه رشده). ومعنى يفقهه في الدين: أي: يعلمه القرآن والسنة).

دع عنك كثرة الأخطاء المطبعية التي تدل على مبلغ اهتمامهم وتحقيقهم للكتاب، فأمرها قد يكون سهلاً، ولكن عد إلى التخريج للحديث، حيث تكرمت اللجنة

بتخريج لفظ لم يذكره المؤلف، وتركت ما نصَّ عليه، ولم تشر إلى الزيادة أين هي

في غير الصحيحين؟ إذ فيهما أصل الحديث فحسب دون الزيادة. وهل هناك من

رواها بهذا السياق؟

(وللفائدة فحسب، وعلى عجل، قال العراقي في (تخريج أحاديث الأحياء)

(1/ 21) طبعة دار العاصمة بالرياض: (وأما قوله: ويلهمه رشده، فعند الطبراني

في الكبير). وقال الزبيدي: (ورواه مع هذه الزيادة أيضاً: أبو نعيم في (الحلية)

عن ابن مسعود، وسنده حسن. وفي (الصحيحين) و (مسند أحمد) بعد قوله:

(في الدين) زيادة: (إنما أنا قاسم، والله يعطي، ولن تزال هذه الأمة قائمة على

أمر الله). (المصدر نفسه).

فكيف بعد هذا، لو قلبنا بعض الصفحات لنتعرف على قيمة ما فيه من

تعليقات وتحقيقات، ولا يفوتنك أيضاً: أنه قد يأتي ناشرٌ آخر فيحذف مقدمة

المحققين -كما يفعله كثير منهم اليوم وسيأتي أمثلة على هذا -، وعندئذ لا يمكن

تمييز أصل الكتاب الذي طالته يد التحقيق والمراجعة والدراسة المزعومة.

وإذا كان ذلك مثالاً على عبث المجهولين، فإن أمثلة أخرى تتمثل في تغيير

بعض العبارات في النصوص المحققة، قام بها بعض أبناء هذا التراث، ولم يكن

عندهم ما يمنع من ذكر أسمائهم (إذ الحقوق محفوظة لأصحابها).

فأحدهم يبيح لنفسه حذف بعض الكلمات مثل صيغة الدعاء والترحم والترضي

عن بعض العلماء، بسبب مخالفة فقهية، أو بسبب عداوة أو غباوة، وكأنه لا يجيز

أن يدعو بالرحمة للإمام الشافعي مثلاً، أو لأبي حنيفة - رحمهما الله تعالى -؛ لأنه

يخالفهم في شيء من الرأي. وأظن أن التصريح هنا باسم من يفعل ذلك ليس فيه

شيء من المصلحة الآن، فلندعُ له بالهداية.

وقد يحذف نص من كتاب مثلاً في باب معين لضعف رأي أو خطئه، فمثلاً

في طبعة الرياض لكتاب (الأذكار) للإمام النووي - تحقيق الشيخ الأرناؤوط -

حذفت حكاية العتبي في الأعرابي الذي جاء إلى قبر النبي-صلى الله عليه وسلم -

ودعا. وهي حكاية بلا إسناد، ويرويها البيهقي في (الشُّعب) بإسناد مظلم، وهي

موجودة في سائر طبعات (الأذكار) وفي كتب الفقه (كالمغني) وغيره، فليس لأحد

الحق في حذفها بحجة التحقيق أو لأنها حكاية ضعيفة، وإنما يعلق عليها في الحاشية

ويبيِّن الصواب والحق.

ثم قد علمت أن إسقاط هذه القصة إنما كان تصرفاً من مراقبة المطبوعات في

دار الإفتاء بالرياض، وليس من المحقق نفسه. وهذه أعجب!

وسبقت الإشارة أيضاً إلى تصرف الأستاذ أحمد عطا، واجتهاداته الشخصية

في تغيير نص كتاب (العقل) للحارث بن أسد. وهذا كله يتنافى مع الأمانة العلمية،

ومع الدقة التي يتصف بها علماؤنا في آداب تصحيح النص واحترامه، حتى قال

العلموي: (إنه لا يجوز أن يصلح كتاب غيره بغير إذن صاحبه)، ويعجب من عمل يشبه عمل محققينا الذين سبقت الإشارة إليهم فيقول: (وقد تجاسر بعضهم فغيَّر ما الصواب إبقاؤه) [3].


(1) اقرأ ما كتبه الشيخ الصافي في كتابه: (أخطار على المراجع العلمية) ص 57 - 59، طبع دار الفاروق، بالطائف.
(2) راجع على سبيل المثال (محاضرات في تحقيق النصوص)، للدكتور أحمد الخراط، ص8.
(3) انظر: مناهج البحث عند علماء المسلمين، تأليف روزنثال ص 60 وما بعدها.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير